الخيزران هي زوجة الخليفة العباسي المهدي وأم الخليفة الهادي ثم من بعده الخليفة هارون الرشيد وكانت امرأة جميلة وذكية وأديبة من فضلاليات النساء الذين ظهوروا في التاريخ الإسلامي قاطبة وكانت متفقه بالإمام الأوزعي وكانت جارية من جواري الخليفة المهدي العباسي ولمحها ورأى أدبها وجمالها فقال لها إنك لغاية المنى إلا أن فيك خموشة في ساقييك فقالت له يا أمير المؤمنين إنك أحوج ما تكون إلي لن تراهما قط فأعجب بجوابها وتزوجها كانت متدللة عليه .
مواقف من حياة الخيزران :
قال الإمام الواقدي حضر يومًا عند الخليفة المهدي العباسي وأتى بالمحابر والدفاتر حتى نكتب ثم عرض له شيء فدخل في حرمه ثم عاد على خلاف ما دخل فقلت له يا سيدنا إنك خرجت بغير ما دخلت فما الذي جرى لك فقال هذه الخيزران لما دخلت عليها صرخت في وجهي ومزقت ثوبي ومدت يدها علي وقالت ولله ما رأيت خيرًا منك قط أخرج يا قشاش ولله يا واقدي أنا اشتريتها من نخاس بدينارين وعقدت العهد لولديها ثم تقول هذا فقال له الواقدي ألا تحب أن تسمع كلام جدك عليه الصلاة والسلام ” إنهن يغلبن الكرام ويغلبوهن اللئام ” ثم قال اللهم أجعلني كريمًا مغلوبًا ولا تجعلني للئيم غالبًا ثم ذكرت له الأحاديث عن الصبر على المرأة فقال له أذهب فرج الله كربك كما فرجت كربي وأعطاه 1000 دينار.
قال الواقدي فلما وصلت إلى بيتي وإذ برسول يقول أنه من طرف السيدة الخيزران وهي تقرئك السلام وتقول جزآك الله عني خيرًا وأكرمك وسترك وقد أرسلت لك ب1000 دينار إلا عشرة كراهية أن أساوي أمير المؤمنين في العطاء فكانت سيدة ذكية جدًا .
لما أراد الخليفة المهدي الزواج عليها فقالت له لا يحل لك فقال لها كيف فقال لها حكم بيننا فقالت نعم سفيان الثوري فلما جلسا عنده قالت هذا يريد أن يتزوج علي فقال له لما فقال الخليفة فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ، فقال أكمل الآية فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة وأنت لن تستطيع أن تعدل في أمه محمد فتعدل في أهل بيتك .
قصتها مع زوجة الخليفة الأموي مروان بن محمد :
وذات مرة كانت جالسة في مجلس الخلافة وبينما هي جالسة دخلت عليها جارية من جواري الخليفة الهادي وقالت في الباب امرأة في شدة وثيابها بالية ويبدو أنها شريفة وتأبى أن تخبرني باسمها وتريد الدخول عليك فقالت الخيزران أدخولها فلابد من فائدة أو ثواب فلما دخلت عليها تكلمت المرأة أبلغ لسان وأحسن بيان حتى هزت الخيزران فقالت لها من أنت فقالت لها أنا مزنة زوجة الخليفة مروان بن محمد فقالت لها ولله ما هذه الثياب البالية إلا وأنا عارية وقد غلبتمونا على الأمر .
وقد جاءنا نعيش في كنفكم حتى تأتيني دعوة من له الدعوة فانهمرت الخيزران في البكاء وكان في المجلس زينب بنت سليمان بن علي بن سيدنا عبدالله بن العباس وهي عمته الخليفة المهدي فقالت لها لا خفف الله عنك يا مزنة أتذكرون يوم أن دخلت عليكي وأنت في مثل هذا المجلس فسألتك في عمي إبراهيم الإمام أن تعطيني جثته فصرختي في وجهي وآمرتي بإخراجي من مجلسك فقالت مزنة وهل أصارني إلى هذه الحالة التي رأيتها إلا المظالم التي ذكرتها فتريدين أن تحضي الخيزران على مثلها .
وكان أولى بك أن تأمروها بالخير وأن تأمروها أن تمسك على الشر لتحفظ نعمها وتحفظ دينها وتسترضى ربها أحبيتي ما كان مني من العقوق فأرتدي من الخيزران أن تتأسى بي ثم انهمرت باكية فقالت الخيزران خدوها وأحسنوا إليها وغيروا ثيابها واجعلوها معنا وفلما دخل الخليفة الهادئ على أمه وجدها تبكي فقال ما يبكيك فأخبرته بالحال فنادى للجارية التي أخذتها وقال لها ماذا قالت وهي منصرفة فقالت سمعتها تقرأ قول الله تعالى : وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ .
فبكى الخليفة بكاء شديد ثم أمر الجارية وأعطاها كتابًا وقولي لها لولا أني أكره أن يكون لقوم أنت منهم شأن في أمرنا لتزوجت بك ولكنك تكون في حرمنا ومع أزواجنا وأخواتنا حتى يأتيك دعوة من له الدعوة وظلت في دار الخلافة حتى ماتت ..