من الصحابة رضوان الله عليهم الذي له رواية عن النبي صلّ الله عليه وسلم ، كانت وفاته في العام 53 هجرية يوم الجمعة ، خرج يوم الجمعة فقال أيها الناس إني قد مللت الحياة وإني داع بدعوة فأمنوا ثم رفع يديه لله تعالى وقال اللهم إن كان لي عندك خيرًا فاقبضي إليك عاجلًا فأمن الناس ثم خرج فما توارت ثيابه حتى سقط فحمل إلى بيته فاستخلف ابنه عبدالله بن الربيع .
موقفه مع سيدنا عمر بن الخطاب :
في مدينة رسول الله صلّ الله عليه وسلم التي ما تزال تكفف أحزانها على فقد الصديق رضي الله عنه وها هي وفود الصديق تقدم كل يوم تبايع الخليفة عمر بن الخطاب على السمع والطاعة وفي ذات صباح قدم على أمير المؤمنين وفد البحرين مع طائفة أخرى من الوفود وكان سيدنا عمر رضي الله عليه شديد الحرص على سماع كلام الوافدين عليه فقد كان كلامهم لا يخلو من الموعظة البالغة أو فكرة نافعة أو نصيحة لله وكتابه ولعامة المسلمين .
فندب عدد من الحاضرين للكلام فلم يقولوا شيئًا فالتف لرجل توسم فيه الخير وقال له هاتي ما عندك فحمد الرجل الله تعالى واثنى عليه ثم قال له إنك يا أمير المؤمنين ما وليت أمر هذه الأمة إلا ابتلاء من الله عزوجل ابتلاك به فاتقي الله فيما وليت وأعلم أنه ولو ضلت شاة بشاطئ الفرات لسوف تسأل عنها يوم القيامة ، فأجهش أمير المؤمنين عمر بالبكاء وقال ما صدقني أحدُ يوم استخلفت مثلما صدقتني فمن أنت فقال له الربيع بين زياد الحارثي فقال له عمر رضي الله عنه أخو المهاجر بن زياد فقال له نعم .
قيادة الجيش:
وبعد المجلس كلف سيدنا عمر بن الخطاب سيدنا أبو موسى الأشعري وقال له تحرى أمه فإن كان صادقًا فإن فيه خيرًا كثيرًا ، وعون لنا على هذا الأمر واستعمله واكتب لي بخبره ، ولم يمض على هذا الحدث الكثير حتى أعد أبو موسى الأشعري رضي الله عنه جيش لفتح مناذر في أرض الأهواز ووضع الربيع بن زياد في الجيش وأخاه المهاجر ، كثر القتل في المسلمين كثرة فاقت كل تقدير وكان المسلمون صائمون في شهر رمضان ، فلما رأى المهاجر ذلك أراد أن يشري نفسه ابتغاء مرضات الله فذهب الربيع لأبي موسى وقال له إن المهاجر قد عزم على أن يشري نفسه وهو صائم ، فوقف أبو موسى وقال أيها المسلمون عزمت على كل مسلم أن يفطر أو أن يتوقف عن القتال وشرب لابريق كان معه ليشرب الناس .
فشرب المهاجر جرعة ماء وانطلق وشق صفوف العدو حتى انقضوا عليه من كل جانب ونصبوا على شرفة مطلة على ساحة القتال فنظر له الربيع وقال له طوبى لك وحسن مأب ولله لانتقمن لك ولقتلى المسلمين أن شاء الله ، فلما رأى أبو موسى الحميمة في الربيع تخلى له عن قيادة الجيش ومضى إلى السوس لفتحها بأمر من خليفة المسلمين وهب الربيع والجند على المشركين فمزقوا صفوفهم ففتح الله تعالى مناذر وغنم ما شاء الله أن يغنم .
ولمع نجمه بعد المعركة وذاع أسمه على كل لسان ولما عزم المسلمون على عزو سيستان عزموا إليه بقيادة الجيش ومضى بجيشه الغازي في سبيل الله فكان أول ما قابلة رستاق زالق على الحدود وهي عامرة بالقصور الفخمة محاطة بالحصون الشامخة وافر الخيرات كثير الثمار ، فأرسل عيونه أولًا فعلم أن القوم سوف يحتفلون قريبًا بمهرجان لهم فتربص بهم حتى بعتهم في ليلة المهرجان فسبى منهم عشرين ألف وسبى الدوق من بين الأسرى مملوك كان قد حمل 3 ألاف ليحملها للدوق .
فقال له الربيع من أين هذه الأموال فقال من إحدى قرى مولاي وقال له وهل تعطيه قرية واحدة مثل هذا المال كل عام فقال نعم فقال كيف فقال بفؤسنا وعرقنا ولما احتدمت المعركة تقدم الدوق يعرض عليه افتداء أهله وماله فقال له افديك إذا أجزلت للمسلمين الفدية فقال أركض هذا الرمح في الأرض ثم تصب عليه الذهب والفضة حتى تغمره غمرًا ، فقال الدوق رضيت واستخرج ما في كنوزه حتى غطى الرمح وتوغل الربيع في أرض سيستان فتساقطت الحصون كما تتساقط أوراق الشجر واستقبله أهل القرى مستأمنين حتى بلغ مدينة زرنج عاصمة البلد فإذا بالعدو قد أعد لحربه العدة ثم دارت بينه وبين العدو حرب طحون .
فلما بدت أولى علامات النصر للمسلمين فرأى سيد القوم أن يسعى لمصالحة المسلمين وبعث إلى الربيع بن زياد رسول يسأله عن موعد للقائه حتى يفاوضه على الصلح فأجابه إلى طلبه وطلب من رجاله إعداد المكان لاستقبال الحاكم برويز وأمروهم أن يطرحوا له جثة قتيل ليجلس عليها وأن يضعوا له جثتين آخرين لتكون متكأ له وأن يلقوا طائفة كبيرة من جثث القتلى حول المجلس ليجلس عليها الجند .
وكان الربيع طويل القامة عظيم الهامة شديد السمرة ضخم الجثة يبعث الروع في نفس من رآه فلما دخل عليه برويز ارتعد منه وهلع من منظر القتلى فلم يجرأ على الدنو منه وخاف فلم يتقدم لمصافحته وكلمه بلسان متلجلج وصالحه على أن يقدم له ألف وصيف وعلى رأس كل وصيف جام من الذهب فقبل الربيع رضي الله عنه وصالحه على ذلك وفي اليوم التالي دخل المدينة بين تهليل المسلمين وتكبيرهم فكان يومًا مشهودًا من أيام الله ..