تبدأ القصة بالحديث عن عائشة بنت طلحة بن عبيدالله التميمي القرشي ، إن عائشة هي ابنه الصحابي الجليل طلحة بن عبيدالله أحد المبشرين بالجنة ، وأمها هي أم كلثوم بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنهما ، فأي نسب أطهر وأرقى من هذا ، وقد كانت عائشة من أجمل نساء زمنها حيث تزوجت من ابن خالها عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما .

ولما توفي عنها تزوجها مصعب بن عمير ولكنه قتل أثناء ولايته على العراق ، فتزوج بها عمر بن عبيدالله بن معمر التيمي ، وأصدقها مليون درهم ، وقد توفيت سنة 110 هجرية ولم تنجب سوى من زوجها الأول فقط ، وهناك العديد من المواقف في حياة السيدة عائشة بنت طلحة رضي الله عنه ، حيث تبدأ القصة بانتهاء عائشة من الصلاة ، لتنادى على الخادمة أم عمر .

وتأمرها بإدخال النساء قائلة : أدخلي عليّ النساء اللواتي يردنا مقابلتي ، فردت الخادمة قائلة : أمركِ يا سيدتي ، وفى جلساتها مع نفسها قبل دخول النساء أخذت تدعي قائلةً : اللهم إنك رزقتني وأكرمتني فأعني على شكر نعمتك وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب ، وبعد انتهاء دعائها إذ بالنساء يدخلون مجلسها قائلين : السلام عليكم ، فردت قائلة : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، اجلسن .

جلست النساء وقالت للسيدة عائشة : أتيناكِ لنسمع منكِ ما تعرفينه عن حديث الرسول صلّ الله عليه وسلم ، فقالت : أفعل إن شاء الله ، وبدأ تقص عليهم مواقف من حياة الرسول قائلة : ذات يوم قال الرسول صلّ الله عليه وسلم لزوجاته أسرعكن لحاقًا بى أطولكن يدًا ، أي أن أول من يتوفاها الله بعدى هي صاحبة أطول يد، فقالت إحدى المستمعات لعائشة بنت طلحة : لابد أنهن بدأنا في مقارنة أيدهن لمعرفة من ستلحق بالرسول الكريم أولاً .

أكدت السيدة عائشة بنت طلحة رضي الله عنه على كلام هذه المستمعة ، وقالت : هذا ما حدث بالفعل ، حيث تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن زوجات النبي كن يقارنا أطوال أيديهن ليعرفن من صاحبة أطول يد ، ولم يكن طول الأيدي هو ما يعنيه رسول الله حرفيًا ، ولكن ذلك ما فهمته زوجاته أمهات المؤمنين .

فقد كان صلّ الله عليه وسلم يعنى أمرًا أخر ، وهذا ما وضحته السيدة عائشة رضي الله عنها حين قالت : لقد كانت أطولنا يد هي زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق ، وهكذا يكون طول اليد بالتصدق والحرص على مرضات المؤمنين ، كانت زينب رضي الله عنها تعمل وتكسب مالاً وتتصدق به ، ولنا في أمهات المسلمين أسوةُ حسنة .

بعدها نادت السيدة  عائشة بنت طلحة خادمتها أم عمر قائلة : أعطي كل واحدة من ضيفاتي الكريمات نصيبها من الهدايا ، فردوا قائلين : إنها كثيرةٌ يا سيدتي فأجابت قائلة : كلكن أهلي فلعل بعضكن يأخذن هذه الهدايا فيتصدقن بها، فيكون الله قد جعلني سببًا في فعل الخير ، فردت إحداهن قائلة : بارك الله فيكِ يا بنت طلحة الخير بارك الله فيكِ .

وحملت الزائرات الهدايا وغادرنا إلى طريقهن ، وأثناء سيرهن أخذن يتحدثن عن كرم عائشة بنت طلحة ،حيث أنها كانت تضرب مثل في الكرم وفعل الخير ، فقالت أحدهن لأخرى : لقد سمعتك وأنت تقولين يا ابنه طلحة الخير ، أهي بنت طلحة بن عبيد الله ، فأجابت الأخرى قائلة : نعم إنها بنت طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه .

وكان مثلها لا يتوقف عن فعل الخيرات ، حتى لقبه الرسول صلّ الله عليه وسلم بطلحة الخير ، ويرجع كرم عائشة لتربيتها في بيت كرم ، وهناك الكثير من المواقف التي يتضح فيها كرم والدها وحرصه على الخير ، ومن أبرز مواقفه حينما دخلت عليه عائشة ووجدته مستاءً استياءً شديدًا ، فسألت أمها إن كانت تعرف ماذا حل به فردت الأم : لا علم لي ولا أعرف متى قد جاء ؟ فقد كنت أصلي سأذهب لأطمئن عليه .

حينها دعت له عائشة قائلة : الله فرج عن أبي كربه ولا تحوجه إلى غيرك ، وأنزع عنه همومه ووفقه لما تحب وترضى ، فجاءت الأم وبشرت الفتاة بالخير حيث أن والدها يملك مالاً كثيرًا قيمته أربعمائة ألف دينار ، وهو يخشى أن تفتنه الدنيا ، فاقترحت عليه الأم أن يتصدق به فاطمئن إلى هذا الرأي ، وهو الآن يستدعي ذوى القرب و المحتاجين ، ليوزع عليهم المال .

كان هذا موقف واحد من مواقف صحابي الخير طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه في الكرم ، حيث كانت الابنة تشبه أباها في الجود و الكرم والورع و الخوف من الله ، فلقد ضرب الأب وابنته أعظم مثال في الكرم وفعل الخيرات ، رحمهما الله وجعل لنا فيهما أسوةً حسنةً .

By Lars