حينما أشرق الكون بنور الدين الإسلامي بعد دعوة الرسول صلّ الله عليه وسلم ؛ دخل الكثيرون إلى هذا الدين الحنيف ليستنيروا بنور الإيمان ومحبة الرسول الكريم ، وهناك العديد من الصحابة رضوان الله عليهم الذين دخلوا الإسلام وهم لازالوا في سن الطفولة ، وكأن قلوبهم كانت بالغة حد الصدق في الإيمان والعمل على رضا الرحمن ، وكان الصحابي الجليل ابو سعيد الخدري واحدًا من هؤلاء الصحابة الذين دخلوا الإسلام صغاراً .
من هو أبو سعيد الخدري :
هو سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر بن عوف بن الحارث بن الخزرج ، وينتمي إلى الأنصار ، وقد اشتهر بلقب “أبي سعيد الخدري” ، وكان مولده في المدينة المنورة خلال السنة العاشرة قبل الهجرة ، وعُرف في التاريخ الإسلامي على أنه عالمًا فقيهًا راويًا لأحاديث شريفة عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم .
دخوله في الإسلام :
كان أبو سعيد الخدري من الصحابة الذين دخلوا الإسلام في سن مبكر ، حيث أنه قد أسلم قبل أن يصل إلى سن البلوغ ، لذلك لم يتمكن من المشاركة في غزوة بدر نظرًا لحداثة سنه ، ولكنه كان يتوق للمشاركة في غزوة أحد ، حيث أنه كان قد بلغ سن الثالثة عشر من عمره .
قام والده باصطحابه إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، من أجل أن يقترح عليه أن يأخذه برفقته إلى غزوة أحد ، غير أن الرسول الكريم رفض ما قاله والده ، وذلك لأنه كان لايزال صغيرًا ، ولكنه قام بالمشاركة في غزوة الخندق ، كما أنه شهد بيعة الرضوان .
روايته للحديث :
كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أحد رواة الحديث عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، حيث أنه قد روى ما يقرب من ألف ومائة وسبعين حديثًا شريفًا ، فكان واحدًا من أفضل الصحابة العلماء ، وقد قام بتقديم العديد من النصائح والوعظ إلى الخلفاء الراشدين ، كما أنه كان مفتيًا في المدينة المنورة ، حيث أنه تميز بكثرة فقهه .
ومن الأحاديث الشريفة التي رُوبت عن أبي سعيد الخدري :حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ ، وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى , قَالا : ثنا ، وَقَالَ يُونُسُ أنبا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” يُدْخِلُ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ ، وَيُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ ، ثُمَّ يَقُولُ : انْظُرُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ ، فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا حُمَمًا قَدِ امْتُحِشُوا ، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهْرِ الْحَيَاةِ ، أَوْ نَهَرِ الْحَيَا ، فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ إِلَى جَانِبِ السَّيْلِ ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ : أَلَمْ تَرَوْهَا كَيْفَ تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً “.
قام أبو سعيد الخدري برواية الحديث عن العديد من الصحابة بالإضافة إلى روايته عن الرسول صلّ الله عليه وسلم ، ومن الأمثلة على الصحابة الذين روى عنهم : أبو بكر الصديق ؛ عمر بن الخطاب ؛ عثمان بن عفان ؛ معاوية بن أبي سفيان ؛ زيد بن ثابت ؛ عبدالله بن عباس ، وغيرهم العديد من الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا.
وقد قام الكثيرون من رواة الحديث بالرواية عن أبي سعيد الخدري ومنهم : أنس بن مالك ؛ عامر بن سعد بن أبي وقاص ؛ عبدالله بن عمر بن الخطاب ، عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري ، وغيرهم كذلك من الذين أخذوا الحديث برواية أبي سعيد الخدري .
وفاته : اختلفت المصادر في تحديد تاريخ دقيق لوفاة أبي سعيد الخدري ، فقد قيل أنه توفي سنة أربعة وستين ، ومصادر أخرى تقول سنة أربعة وسبعين ، وهناك من يقول سنة ثلاثة وستين وسنة خمسة وستين .