كان عمر بن عبدالعزيز أحد الخلفاء الأمويين ، وقد عُرف بين الناس بحكمته وعدله ورحمته ، حيث أنه قد حكم المسلمين لبضع سنوات بعد انتهاء العصر الراشدي ، وقد أصبح خليفة مميز يسعى دائمًا لفعل الخير .
نشأته وعائلته :
وُلد الخليفة عمر بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة خلال عام 61 هجريًا ، وأُطلق عليه أشج بني أمية ، وكان ذلك بسبب تعرضه للضرب في طفولته حينما لطمه الخيل على وجهه ، ليترك له أثرًا على الوجه ولقبًا بين بني أمية ، وقد كان والده الأمير مروان بن الحكم من أمراء بني أمية ، وكانت والدته هي ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ، وكان له عشرة من الإخوة .
تزوج عمر بن عبدالعزيز من أكثر من زوجة وأنجب الكثير من الأولاد ، وكان عمر واليًا في بداية الأمر على ولاية خناصرة ، ثم أصبح واليًا على المدينة المنورة في عهد الوليد بن عبدالملك خلال عام 87 هجريًا ، ثم تولى حكم مدينة الطائف بعد مرور أربعة سنوات بجانب ولايته للمدينة المنورة .
خلافته :
كان الخليفة سليمان بن عبدالملك وهو خليفة المسلمين قد أوصى بالخلافة من بعده إلى عمر بن عبدالعزيز ، وبالفعل بعد أن توفي الخليفة سليمان بن عبدالملك ؛ آلت الخلافة إلى عمر بن عبدالعزيز ، وقد دعا الناس في أول خطبة له بعد توليه الخلافة أن يطيعوه طالما أنه يطيع الله عز وجل ، كما أخبرهم بأنه إذا كان يخالف الله فلا يملك عليهم حكمًا .
وقد اجتهد عمر بن عبدالعزيز خلال فترة خلافته لإقامة العدل في دولته ، فسعى إلى تعليم الناس أمور دينهم وعمل على نشر العلم والمعرفة ، كما كان يعمل بمبدأ الشورى بصورة دائمة ، وعزل الحكام الظالمين ، كما أنه قام بإرجاع الكثير من الأراضي والمنازل إلى أصحابها والتي كانت مسلوبة من قِبل بني أمية ، وهكذا قام بالكثير من الأعمال الصالحة أثناء فترة خلافته .
رفضه تعذيب الأسرى :
تميز عمر بن عبدالعزيز بعدله ونشره للحق والسلام ، لذا كان يرى دائمًا أن تعذيب أي أسير أو متهم فهو أمر مرفوض ، ولكن تتم معاقبته عن طريق حبسه حتى يموت ، وعلى الرغم من ذلك كان يعمل على توفير الطعام والشراب لأجل هؤلاء الأسرى والسجناء ، كما كان يمنع الولاة من القيام بتعذيب المتهم كي يعترف بجريمته .
موقفه من تعذيب السجناء :
ذات يوم تلقى عمر بن عبد العزيز رسالة من أحد الولاة تفيد بأن أحد العمال قد أخذ بعض الأموال التي لا تحقق له ، وكان الوالي يستأذن من خلال رسالته بأن يقوم بتعذيب العامل حتى يعترف ويُعيد ما أخذه من مال ، ولكن الخليفة عمر بن عبدالعزيز كان رده وموقفه حاسمًا ، فهو لا يحيد عن منهجه في الرحمة .
أجاب عمر بن عبدالعزيز على رسالة الوالي برد واضح وصريح وحازم حيث قال له :”أتعجب حقًا من استئذانك في عذاب بشر ، وكأني حصنك من النار” ، ثم أمره بأن يأخذ العامل بما قامت عليه البينة ، وإذا قام الرجل بإنكار هذه الفعلة ؛ فعليه أن يتركه ويطلق سراحه ، وذلك من أجل أنهم قد يلقوا الله بذنبهم ، غير أن ذلك أفضل بكثير من مقابلته سبحانه وتعالى بذنب تعذيبهم .
وفاته :
لم تطل مدة خلافة عمر بن عبدالعزيز ، ومع ذلك فقد قدّم الكثير من أجل الإسلام والمسلمين ، وقد اختلفت الروايات حول سبب وفاته غير أن الرواية الأرجح هو قيام بعض أقاربه بوضع السم له في الطعام ، وذلك لأنهم كانوا يُضمرون له الحقد والضغينة لأنهم فقدوا في عهده المكاسب التي حصدوها من طرق غير مشروعة من قبل ، فتوفي عمر بن عبد العزيز وهو دون الأربعين خلال عام 101 هجريًا .