إذا قمنا بالبحث في القرآن الكريم ، وجدنا أن القرآن استخدم كلمة الجنة في أكثر من معنى ، فقد استخدمها ، بمعني الستر وفي معناها الديني .. جنة الآخرة ، وفي ذلك نجد آيات كثيرة بهذين المعنيين كالتالي .
الجنة في القرآن الكريم :
فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ) صدق الله العظيم .. الآية 32 من سورة الكهف.
ويقول الله أيضًا في كتابه الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) صدق الله العظيم .. الآية 266 من سورة البقرة ، ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ) صدق الله العظيم .. الآية 15 من سورة سبأ .
التفريق بين جنة الدنيا وجنة الآخرة في القرآن الكريم :
كل هذه الآيات الكريمة ، استخدم فيها الحق سبحانه وتعالى ، كلمة جنة وهو يعني جنة في الدنيا ، ولقد قال بعض العلماء ، إن الله تبارك وتعالى ، قد فرق بين جنات الدنيا وجنة الآخرة ، فلفظ ( الجنة ) يطلق على جنة الاخرة وحدها ، ولفظ (جنة ) من غير الألف واللام ، يطلق على جنات الدنيا .
ولكن هذا الكلام غير صحيح ، بدليل اقتران الألف واللام بجنة الدنيا .. كما جاء في قوله تبارك وتعالى ، في كتابه الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ ) صدق الله العظيم .. الآيتان 17،18 من سورة الروم .
جنة الآخرة :
والحديث عن الآيتان 17 ، 18 من سورة الروم ، بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ ) صدق الله العظيم .. عن جنة أو حديقة من حدائق الدنيا ، إذن فالألف واللام ، لا يميزان لفظ جنة ، بحيث يصبح المعنى هو جنة الآخرة .
آدم وحواء و جنة الخلد :
وهنا نجد أن بعض أقوال العلماء التي تدعى أن آدم وحواء كانا يعيشان في جنة الخلد ، وعندما عصيا الله طردهما من الجنة ، وأنزلهما يعيشان في شقاء الأرض ، فهذا الكلام غير صحيح في إطلاقه ، وذلك أن الله سبحانه وتعالى ، قبل أن يخلق آدم حدد مهمته في هذه الحياة ، وقوله جل جلاله ، في كتابه الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ ) صدق الله العظيم .. الآية 30 من سورة البقرة .
إذن قبل أن يتم خلق آدم ، كانت الغاية من خلقه أنه سيعيش في الأرض ويعمرها ، والنقطة الثانية هي أنه لو أن آدم قد طرد من الجنة لأنه عصى ، فما ذنبنا نحن حتى نرث المعصية ونرث الشقاء ، إن هذا يتنافى مع عدل الله تبارك وتعالى في قوله الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ) صدق الله العظيم .. الآية 18 من سورة فاطر .
إن كل إنسان يحاسب عما فعله هو فقط ، ولا يحاسب عما فعله أبواه ، أو جداه أو أولاده ، لأن الإنسان لا يحمل الا حسناته أو معاصيه ، ومن هنا لا يمكن أن يكون آدم قد عاش في جنة الخلد ، ثم طرد منها لأنه عصى ، وتحملنا نحن نتيجة المعصية ، وورثناها وعذبنا بها بأننا طردنا من الجنة ، لأنه لو لم يعص آدم لعشنا نحن في الجنة ، فان هذا يتنافى مع عدل الله الذي يأبي أن تورث المعصية .
حكمة الله :
وحكمة الله سبحانه وتعالى في إقامة آدم وحواء بعد خلقهما في جنة ، فآدم خلق ليتلقى المنهج من الله ، في افعل ولا تفعل ، وهذا المنهج فيه صلاح الحياة على الأرض ، فما قال عنه الله سبحانه وتعالى افعل ، إن لم تفعله فسدت الأرض ، وما قال عنه لا تفعل ، إن فعلته فسدت الأرض .
ان الله تبارك وتعالى ، وضع آدم وحواء في هذه الجنة ليأخذا تجربة عملية عن تطبيق منهج الله ، وليأخذا تحذيرا عمليا عن مهمة الشيطان في إفساد منهج الله ، لأن مهمة الشيطان في إفساد منهج الله ، لأن مهمة الشيطان أن يدفع آدم وذريته ليفعلا مانهاهما الله ألا يفعلاه ، وألا يفعلا ما أمرهما الله به ، فإن قال الله لهما لا تشربا الخمر ، سيزين الشيطان لهما شرب الخمر ، وإن قال الله لهما أقيما الصلاة ، زين الله لهما ترك الصلاة وهكذا .
لقد كانت التجربة بسيطه في أدائها ، كانت تدريبًا عمليًا لآدم عليه السلام ، على ما سيحدث له إذا أطاع الله ، وعلى ما سيحدث له إذا أطاع الشيطان ، وهكذا جاء الله سبحانه وتعالى بآدم ، ووفر له كل مقومات الحياة في مكان أسماه الجنة ، فقال جل جلاله في كتابه الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم ( آدم وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) صدق الله العظيم . الآية 19 من سورة الأعراف .