يروى أنه دخل رجل على عبد الملك بن مراون ، وكان معه جلساؤه ، فقاله له : أريد أن أسر إليك أمرًا ، فقال لأصحابه : إذا شئتم فقوموا .. فلما تهيأ الرجل للكلام ، قال له عبدالملك بن مروان : إياك أن تمدحني .
السعاية من أفظع الجرائم :
وكرر قوله : إياك أن تمدحني !!. إياك أن تمدحني !!. إياك أن تمدحني !!. فأنا أعلم بنفسي منك ، وإياك أنت تكذبني ، فإنه لا رأي لكذوب ، أو تسعى إليّ بأحد ، فإن السعاية من أفظع الجرائم ، وإن شئت أقلتك ( أي تركتك )… قال أقلني .
الحديث الكذب قاتل الثلاثة :
وروي أيضًا أنه لما لقى أسقف نجران عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، قال : يا أمير المؤمنين ، احذر قاتل الثلاثة ، فقال عمر بن الخطاب : ومن قاتل الثلاثة ؟ قال : الرجل يأتي الإمام بالحديث الكذب ، فيقبله الإمام ، فيكون قد قتل نفسه ، وصاحبه وإمامه ، فقال عمر : ما أراك أبعدت .
سليمان بن عبدالملك وتقبل النصح :
ويروى أيضًا أنه دخل على سليمان بن عبد الملك ، فاستأذنه في الكلام ، وقال : إني مكلمك يا أمير المؤمنين ، بكلام فاحتمله إن كرهته ، فإن وراءه ما تحب إن قبلته ، فقال له : قل ..
أعظم الناس غبنًا من باع آخرته بدنيا غيره:
فقال : يا أمير المؤمنين إنه ان اكتنفك رجال ابتاعوا ( اشتروا) دنياك بدينهم ، ورضاك بسخط ربهم ، خافوك في الله ، ولم يخافوا الله فيك ، فلا تؤمنهم على ما ائتمنك الله عليه ، ولا تصغ ، إليهم فيما استحفظك الله إياه ، فإنهم لن يألوا في الأمة حسنًا ، وفي الآمنة تضييعًا ، وفي الأعراض قطعًا وانتهاكًا ، أعلى قربهم البغي والنميمة ، وأجلّ وسائلهم الغيبة والوقيعة ، وأنت مسئول عما أجرموه ، وليسوا مسئولين عما أجرمت ، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك ، فإن أعظم الناس غبنًا من باع آخرته بدنيا غيره .
جزاء السعاية :
رفع إنسان إلى يحي بن خالد بن برمك قصة ، يقول فيها : إنه مات رجل ، تاجر غريب ، وقد خلّف جارية حسناء ، وولدًا رضيعًا ، ومالًا كثيرًا ، والوزير أحق بهذا ، فكتب يحيى بن خالد على رأس القصة : أما الرجل فرحمه الله ، وأما الجارية فصانها الله ، وأما الطفل فرعاه الله ، وأما المال فثمّره الله ، وأما الساعي إلينا بذلك فلعنه الله .