يقول الله عز وجل في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) صدق الله العظيم .
الشيطان في غزوة بدر :
وتوضح لنا الآيه الكريمة ما فعله الشيطان مع الكفار في غزوة بدر ، ليحرضهم على قتال المسلمين ، فبدأ بزرع الكبر في قلوبهم ، وقال لهم أنكم ستغلبون وتنتصرون على المسلمين ، إنكم الأقوياء في العتاد ، وفي العدة ، وإنهم قلة بالنسبة لأعدادكم ، إنكم ستغلبون حتمًا ، وأنا معكم سأنصركم .
هروب الشيطان من أرض المعركة وترك أولياءه :
وظل يدخل الكبر في نفوس الكفار ، ويزين لهم أنهم أقوياء ، وأنهم منتصرون لا محالة ، حتى صدقوه وذهبوا ليحاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين ، وعندما وصل الكفار إلى موقع المعركة وأصبح القتال حتميًا ، نظر الشيطان ورأى قوة الإيمان ، وبأس المؤمنين وتأييد اللهعز وجل لهم ، فأسرع هاربًا تاركًا أولياءه الذين وعدهم بأنه لا غالب لهم ، أسرع يهرب بعيدًا !.
إني أخاف الله :
وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم (وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) صدق الله العظيم ، وكان هذا قول الشيطان ، ويتوقف بعض الناس عند هذه الآية الكريمة ، ويستفسرون كيف يقول الشيطان إني أخاف الله ! .. وإذا كان يخاف الله تبارك وتعالى فلماذا كانت المعصية والإصرار على المعصية ؟.. وماذا يخيف الشيطان وهو مطرود من رحمة الله عز وجل ، فهو ملعون رجيم خالد في النار هو وكل من تبعه .
الشيطان يخاف من العذاب المنتظر في الآخرة :
إن الشيطان يخاف العذاب الذي ينتظره في الآخرة ، وهذا الخوف يملأه رغم كل ما يفعله في الدنيا ، إنه يتبرأ من كل معصية تمت على يديه ، ويحاول أن يتنصل منها ويهرب من مسئوليتها أمام الله ، ولذلك يقول الحق ، في كتابه الكريم عز وجل ، بسم الله الرحمن الرحيم (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) صدق الله العظيم .
تنصل الشيطان من المسئولية أمام الله :
وهكذا يحاول الشيطان أن يتنصل من مسئولية إغواء الإنسان ، بالكفر والمعصية ، حتى يوم القيامة ، عندما يقف أمام الله ، يلقي اللوم كله على الإنسان ، ويحاول أن يهرب من المسئولية .
ليس لك عليهم سلطان :
ويعطينا الحق سبحانه وتعالى صورة لهذا المشهد ، فيقول في كتابه الكريم ، عز وجل ، بسم الله الرحمن الرحيم (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) صدق الله العظيم.
إن الشيطان الذي زين للناس كل المعاصي والكفر ، يأتي يوم القيامة ويتبرأ مما يفعل ، ويحاول أن يلقي اللوم كله على الإنسان ، ويقول إنني لم أفعل شيئًا ، إلا أنني دعوتكم فاستجبتم لي ، ولولا أنكم في أنفسكم تريدون الكفر والمعصية وتميلون إليهما ، ما كنت قادرًا على أن آخذكم إلى معصية الله ، فلا تلقوا اللوم عليّ ، ولكن ألقوه على أنفسكم ، لأنكم استمعتم إلى إغوائي ، ولم يكن لي سلطان أن أكرهكم على المعصية وهذه حقيقة ، لأن الشيطان لا يملك أن يكره الناس على معصية الله عز وجل جلاله .