هو ثعلبة بن حاطب الأنصاري الأوسي ، وهو من بني أمية وممن شهدوا غزوة بدر ، وقد كان ثعلبة من المسلمين كثيري التردد على المساجد وأداء الصلوات ، وله قصة شهيرة اختلف فيها المفسرين ولكن أجمع كثير من الأئمة على عدم صحتها ، وأنها افتراء على هذا الصحابي الجليل الذي نعت بالنفاق ، فكيف وهو من أهل بدر الذين غفر لهم ما تقدم من ذنبهم وما تأخر ؟

ملخص القصة المختلف عليها :
أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري جاء في يومٍ إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وقال له : يا رسول الله ادع ليّ الله أن يرزقني مالًا وفيرًا فقال له المصطفى عليه الصلاة والسلام : “ويحك يا ثعلبة ، قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه”، فجاء ثعلبة بعد مدة وكرر على الرسول رجائه ، فقال له سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم : “أمالك فيّ أسوة حسنة، والذي نفسي بيده لو أردت أن تسير الجبال معي ذهبًا وفضة لسارت” .

فلم يكل ثعلبة من السؤال وجاء للرسول للمرة الثالثة وقال له : والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالاً لأعطين كل ذي حق حقه ، فقال له رسول الله : “اللهم ارزق ثعلبة مالاً” ، فرزقه الله مالًا وفيرًا حيث زادت غنمه ونمت كما ينمو الدود ، فكان ثعلبة يصلي بالمسجد الظهر والعصر، وإلى جوار غنمه يصلي باقي الصلوات .

ولما زادت غنمه أكثر أصبح لا يشهد مع رسول الله صلّ الله عليه وسلم في المسجد سوى صلاة الجمعة ، ولما زادت أكثر وأكثر أصبح ثعلبة لا يشهد صلاة الجمعة ولا الجماعة بالمسجد ، فسأل عليه رسول الله ذات يوم وقال : ما فعل ثعلبة ؟ فقيل له رزقه الله غنمًا لا يسعها وادٍ ، فقال : يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة .

ولما وجبت الزكاة بعث رسول الله صلّ الله عليه وسلم برجلين كي يجمعا الصدقة من المسلمين ، وقال لهم مروا فيمن تمروا بثعلبة بن حاطب وخذوا منهم الصدقة ، فمر الرجلين على ثعلبة وطلبا منه دفع الزكاة ، فماطلهم ثعلبة رافضًا وقال لهم أن يمروا عليه في وقت لاحق ، فلما فرغا من جمع الزكاة وعادا إليه قال لهما : ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، اذهبا حتى أرى رأيي .

فلما ذهب الرجلين إلى رسول الله قال لهما قبل أن يخبراه بشيء : يا ويح ثعلبة ، وتقول القصة أيضًا أن قول الله تعالى هذا نزل في ثعلبة : {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: 75] إلى قوله: {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 77] ، فذهب رجل من أقارب ثعلبة وأخبره بأمر نزول الأية الكريمة فيه .

فخاف ثعلبة وخرج مسرعًا إلى رسول الله ليعطيه الصدقة ، ولكن لم يقبلها المصطفى صلّ الله عليه وسلم قائلًا : إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك ، فجعل ثعلبة يجثي التراب على رأسه ندمًا ، فقال له الرسول الكريم : هذا جزاء ما عملت يدك فقد أمرتك ولم تطعني .

ولما انتقلت روح المصطفى إلى بارئها استخلف أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه من بعده ، وجاء إليه ثعلبة بصدقته ولكنه لم يقبلها ومن بعده عمر وعثمان رضي الله عنهما لم يقبلوها أيضًا ، حتى مات ثعلبة في خلافة عثمان رضي الله عنه ، وقد أخرج هذه القصى ابن جرير الطبري في تفسيره ، وأخرجها أيضًا الطبراني في المعجم الكبير أنها ذكرت عن لسان أبي إمامة الباهلي وتواردها الناس من بعده .

ولكن ضعف الكثير من أهل العلم والدين هذه القصة وقالوا أنا روايتها ضعيفة ومنهم : الإمام ابن حزم ، والإمام القرطبي ، والحافظ الذهبي والعلامة المناوي والعلامة الألباني حفظه الله ، لأنه ثعلبة بن حاطب بدري ممن غفر لهم الله والقصة مخالفة لنصوص الشرع الدالة على قبول التوبة ، بالإضافة إلى مخالفة القصة للتاريخ ففرض الزكاة كان في السنة الثانية ، أما سورة التوبة فكانت من أواخر السور نزولًا .

By Lars