كان الصحابي الجليل عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما واحدًا ممن اشتهروا بالعلم والتقوى ، وقد قام برواية الحديث عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وكان يتصف بكرمه وحسن خُلقه ؛ فلم يكن يتناول طعامه قط إلا إذا كان هناك يتيم يأكل معه ليقاسمه ذلك الطعام .
من هو عبدالله بن عمر :
إنه عبدالله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي ، فهو ابن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأمه هي زينب بنت مظعون ، ويُكنى باسم “أبي عبدالرحمن” ، وكان مولده في مكة المكرمة بالسنة الحادية عشر قبل الهجرة ،لم يتمكن من المشاركة في عزوتي بدر وأحد ، وذلك بسبب صغر سنه آنذاك ، ولكنه شارك في غزوة الخندق وبيعة الرضوان .
نشأته في مكة المكرمة :
جاء مولد عبدالله بن عمر رضي الله عنه قبل بعثة رسول الله صلّ الله عليه وسلم بعام واحد ، وقد نشأ في ربوع مكة المكرمة ، وحينما أصبح يافعًا دخل الإسلام عن حب واقتناع ، وكان يلازم الرسول صلّ الله عليه وسلم ليتعلم منه كل ما يخص شؤون الدين الإسلامي ، وقد عُرف عنه أنه يشبه والده الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرًا .
وقد اتصف بشدة ورعه وتقواه ، حيث أنه رفض أن يتولى منصب القضاء ، وذلك لأنه كان يخشى أن يقع في ظلم أي شخص وهو يعلم عاقبة الظالمين وكيف أعدّ الله هم عذاب أليم ، وقد قال له عثمان بن عفان رضي الله عنه حينما عرض عليه المنصب :”أتعصيني؟” ، فأجابه عبدالله :”كلا ؛ ولكن بلغني أن القضاة ثلاثة : قاضٍ يقضي بجهل فهو في النار ، وقاضٍ يقضي ويصيب فهو كفاف لا وزر ولا أجر ، وإني لسائلك بالله أن تعفيني” ، وهو ما جعل عثمان بن عفان رضي الله عنه يقوم بإعفائه من تلك المهمة .
جهاده في سبيل الله :
جاهد عبدالله بن عمر في سبيل الله بكل شجاعة وقوة إيمان ، وكانت مشاركته الأولى في غزوة الخندق ، ثم شارك في كل الغزوات والبيعات التي أتت فيما بعد ، وقد توجه إلى العراق من أجل المشاركة في معركة اليرموك والقادسية ، حيث فتح العراق ومجموعة من المدن الأخرى .
عطفه على المساكين :
اشتهر عبدالله بن عمر بأنه كان لا يأكل الطعام إلا إذا أطعم منه المساكين والمحتاجين ، ومن إحدى مواقفه التي رواها جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قوله :” أن امرأة ابن عمرعوتبت فيه ، فقيل لها : أما تلطفين بهذا الشيخ ؟ فقالت : فما أصنع به ، لا نصنع له طعاما إلا دعا عليه من يأكله .
فأرسلت إلى قوم من المساكين كانوا يجلسون بطريقه إذا خرج من المسجد فأطعمتهم ، وقالت لهم : لا تجلسوا بطريقه ، ثم جاء إلى بيته فقال : أرسلوا إلى فلان وإلى فلان ، وكانت امرأته أرسلت إليهم بطعام ، وقالت : إن دعاكم فلا تأتوه ، فقال ابن عمر رضي الله تعالى عنه : إن أردتم أن لا أتعشى الليلة ، فلم يتعش تلك الليلة “.
موقفه من الفتنة :
لقد كان عبدالله بن عمر شاهدًا على الفتنة التي وقعت بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، فكان موقفه واضحًا ومحددًا من تلك الفتنة ، حيث أكد رفضه التام لاستخدام الطرق القتالية في مسألة فض النزاع بين الطرفين.
وفاته :
توفي عبدالله بن عمر رضي الله عنه خلال السنة الثالثة والسبعين للهجرة ، وكان عمره عند وفاته أربعة وثمانين عامًا.، وكان هو آخر من توفي من صحابة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، وتم دفنه في مقبرة المهاجرين بمكة المكرمة .