كان صحابيًا رحيمًا بالمؤمنين وشديدًا مع المنافقين ، كان يبتغي وجه الله في أعماله بعد أن منّ عليه المولى عز وجل بدخول الدين الإسلامي الحنيف ، إنه الصحابي الجليل عتّاب بن أسيد بن أب العيص بن أمية بن عبد شمس الأموي ، والمعروف بلقب “عبدالرحمن” ويُذكر أيضًا “أبو محمد” ، وأمه هي زينب بنت عمرو بن أمية .
قصة دخول عتاب الدين الإسلامي :
ذكر أهل العلم أن الرسول صلّ الله عليه وسلم قد دخل الكعبة أثناء عام الفتح بصحبة بلال ، الذي أمره أن يؤذن ، وكان عتاب بن أسيد وأبو سفيان بن حرب والحارث بن هشام يجلسون في فناء الكعبة ، وحينها تحدث عتاب بن أسيد قائلًا : “لقد أكرم الله أسيدًا ألا يكون سمع هذا ، فيسمع منه ما يغيظه” ، ثم تحدث الحارث بن هشام قائلًا :” أما والله لو أعلم أنه محق لاتبعته” ، بينما قال أبو سفيان :” لا أقول شيئًا ؛ لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى”.
في ذلك الوقت خرج عليهم الرسول صلّ الله عليه وسلم ثم قال :” قد علمت الذي قلتم” ، ثم ذكر النبي ما قالوا ، وهو ما جعل الحارث وعتاب يقولان :” نشهد أنك رسول الله ، والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا ، فنقول أخبرك” ، وهكذا منّ الله تعالى على عتاب بدخول الإسلام .
بعض مواقفه مع الرسول الكريم والصحابة :
لقد أخبر الرسول صلّ الله عليه وسلم أن عتاب سيدخل الجنة ، حيث ورد عن بن أبي مليكة قوله صلّ الله عليه وسلم :”لقد رأيت أسيدًا في الجنة وأنى يدخل أسيد الجنة” ، فعرض له عتاب بن أسيد ، فقال :”هذا الذي رأيت أدعوه لي فدعا” ، ثم قام الرسول الكريم باستعماله على مكة يومئذ ، ثم قال متحدثًا إلى عتاب :”أتدري على من استعملتك؟ ، استعملتك على أهل الله فاستوص بهم خيرًا ” ، وقد رددّ النبي كلامه ثلاث مرات .
ورد عن زيد بن أسلم قوله :”لما استعمل النبي عتاب بن أسيد على مكة رزقه كل يوم درهم ، فقام فخطب الناس ، فقال : أيها الناس أجاع الله كبد من جاع على درهم ، فقد رزقني رسول الله درهمًا كل يوم ؛ فليست بي حاجة إلى أحد” ، وحينما مات الرسول صلّ الله عليه وسلم ؛ سأل سهيل :”أين عتاب؟” ، وظل يستدل على مكانه حتى أتى عليه في الشعب ، فقال له :”ما لك؟” .
فأجابه :”مات رسول الله” ، قال :”قم في الناس فتكلم” ، فقال :”لا أطيق مع موت رسول الله الكلام ” ، قال :”فاخرج معي فأنا أكفيكه” ، فخرجا حتى بلغا المسجد الحرام ، فقام سهيل خطيبًا ، حيث خطب مثل خطبة أبي بكر آنذاك .
روايته للحديث :
قام عتاب بن أسيد برواية أحاديث شريفة ومواقف عن الرسول صلّ الله عليه وسلم ، ومن المواقف التي رواها عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أن النبي كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم ، وقال أيضًا أن النبي قال في زكاة الكروم :”إنها تخرص كما يخرص النخل ، ثم تؤدي زكاته زبيبًا كما تؤدي زكاة النخل تمرًا”.
وفاته :
هناك بعض المؤرخين الذين ذكروا أن عتاب قد عاش أميرًا على مكة حتى أواخر عهد عمر بن الخطاب ، وبذلك تكون وفاته في أوائل سنة 23 هجريًا ، وقد قال الواقدي أنه توفي يوم وفاة أبي بكر الصديق .