قال تعالى في كتابه الكريم : (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) صدق الله العظيم ، إذا كانت الوداعة هي صفة المخلوقات المرئية في الكون ، فإن الرعب المهول هو صفة الخلائق الخفية ، لم أصرح بأكثر من هذه العبارة ، ليس مسموحًا لي أن أتحدث عن ذاتي ، وفي حقيقتي سر لو انكشف لمخلوق ، لتجمد دم المخلوق وانهار وجوده من الخوف !

الطير الأبابيل :
إنني واحد من الطير الأبابيل ، قائد الاتصال بين الأجنحة الستة للجيش الثامن من هذه الطيور ، عدد الجيوش سر ، عدد أفراد الجيش الثامن سر هو الآخر ، لا نخرج إلا بأمره تعالى ، لن أصرح بعدد المهام التي خرجنا فيها ، هذا شأنه سبحانه ، فيقول في كتابه الكريم : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ). صدق الله العظيم  .. كل ما أستطيع قوله إن هذه المهام مسجلة ومعروفة لرب العالمين ، أما الخلائق فبيننا وبينهم ستائر مسدلة وحجب كثيفة ، وهذا رحمة الله بعباده .

مهام طير الأبابيل المذكورة في القرآن :
مهمتان صرح الحق عز وجل بهما في كتابه الأخير للبشر الفانين ، المهمة الأولى : ضرب مدن لوط ، فقال تعالى في كتابه الكريم : {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (82) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ۖ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} وفي هذه الآية لم يذكرنا الله بالاسم في سياق الآيات .

المهمة الثانية لطير الأبابيل :
أما المهمة الثانية التي ذكرنا الله تعالى فيها بالاسم ، كانت ضرب أصحاب الفيل ، فقال تعالى في كتابه الكريم {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ }. صدق الله العظيم

تنفيذ أمر الله سبحانه وتعالى :
وصلني الأمر أول واحد ، صرخت فاجتمع الجيش ، أرعشت صرختي قلب أبعد النجوم فارتعشت ذاتها من الشؤم ، وتجمدت الدماء في عروق الجبال ، وكللت هاماتها بثلج الموت الأبيض ، وسرى في الجو كله تيار رعب غامض مروع ، بعد صرختي بجزء على مليون جزء من الثانية ، كان الجيش الثامن كله قد حط فوق أغصان الخوف وأشجار الرعب ، ووحشة الخراب والخلاء ، سأل قائد الطيور : من يستدعينا من أعماق الجحيم ؟ قلت : هذه مشيئة الله .

سجدت الطيور رعبًا وهي عمق الرعب الرعيب في الأصل ، قال قائد الطيور : ما هي مهمتنا ؟ قلت : ضرب جيش يتجه لهدم الكعبة ، أحنت الطيور مناقيرها وغمستها في الجحيم ، غاصت فيه مناقيرها وعادت بحجارة من سجيل ، في نفس الوقت تم تصوير الجيش المهاجم وتم تقدير القوة اللازمة لتدميره ، ومنح كل واحد من الطير الأبابيل قوة تكفي لتدمير جيش أبرهة واصطفت تشكيلاتنا في الجحيم ، ثم خرجت بلا صوت نحو العدو .

جيش أبرهة :
كان جيش أبرهة يعتمد على المشاة والفرسان والمدرعات ، أما المدرعات فهي الفيلة ، أي أن جيش إبرهة كان يفتقد لسلاح الطيران ، ومن هنا جاءت ميزتنا الأولى على جيشه ، كنا في طريقنا لقصفه من الجو ، لم تكن المدفعية قد اكتشفت بعد ، كما أن المدفعية لا تؤثر فينا ، كنا في طريقنا لقصفة بحجارة من سجيل .

سر من أسرار حجارة السجيل :
هذه الحجارة سر رهيب ، فبعد قرون من ضربنا لأبرهة سيكتشف البشر سر الطاقة الكامنة في النواة ، وسيخترعون قنابل ينسبونها إلى الطاقة النووية ، وسيكون لهذه القنابل قدرة تدميرية ليست للأسلحة التقليدية ، هذه القوة النووية تبدو جوار الحجارة القادمة من سجيل مثل لعب الأطفال .

المواجهة :
كان عددًا هائلًا ، ونحن ننقض على جيش أبرهة ، كنت أول من رأى سلاح المدرعات في جيش أبرهة ، كان هناك فيل ضخم قد برك وبركت وراءه فيلة كثيرة ، واستطعت أن ألمح ارتعاشته رغم ارتفاعي الهائل ، عرفت أنه يرتعش من ذبذبات الهواء حوله ، كان الفيل باركًا ثم نهض فجأة وانطلق يجري نحو الصحراء محاولاً أن يهرب ، ألقيت عليه أول حجر من الجحيم وسط الجيش !

انفجار صامت ومحدد :
انفجر جيش أبرهة داخل نفسه ، كان الانفجار محكوم بحيز مكاني معين ، لم يكن مسموحًا للقوة التدميرية أن تنفجر بشكلها الطبيعي في المنطقة ، ولا كان مسموحًا لها أن ترفع صوتها وهي تنفجر ، كان الانفجار بلا صوت وكان محكومًا بجيش العدو فقط !

العصف المأكول :
كان الانفجار مأمورًا لا حرًا ، لو ترك حرًا لدمر الكعبة والمنطقة كلها إلى الأبد ولاستحال إنقاذها بعد ذلك ، كان الانفجار صامتًا هو الآخر ، كان صوته يموت خوفًا قبل أن يولد ، وأسقط بقية طير الأبابيل ما تحمله في مناقيرها من عذاب الجحيم ، فتحول جيش أبرهة إلى عصف مأكول!. وهذه صورة لطعام هضمته البهائم وقضت حاجتها وعصفت الشمس والرياح بما بقي من آثار ، وهبت الريح تكنس ما بقي من جيش أبرهة .

By Lars