يُروى أنه ذات يوم أراد النبي صل الله عليه وسلم ، العُمرة (أي زيارة البيت الحرام) فسار هو وأصحابه قبل مكة حتى وصلوا إلى عسفان ( على مرحلتين من مكة ) ، فبلغه هياج قريش لمقدمه ، وأنهم وحدوا الكلمة ، وجمعوا الصفوف لصده هو وأصحابه .

عثمان بن عفان وإشاعة مقتله على يد قريش :
فأرسل النبي صل الله عليه وسلم ، إليهم سيدنا عثمان بن عفان رضيّ الله عنه وأرضاه ، يخبرهم أنه ما جاء المسلون إلا زائرين ، ولكن قريش سجنت سيدنا عثمان بن عفان رضيّ الله عنه وأرضاه ، وأشيع أنه قتل .

البيعة والصلح :
فحضّ النبي أصحابه على البيعة ، فلما سمعت قريش أمر البيعة ، وعلمت مدى ثباته عليه الصلاة والسلام ، على المناجزة سعَوا للصلح ، وتم على ترك الحرب عشر سنين ، وأن يأمن بعضهم بعضًا ، وأن تكون العمرة في العام القابل ، وأن تخلى لهم مكة ثلاثة أيام ، وأن يدخلوا والسيوف في قرابها ، وأن يرد إليهم من يفر إليه ، منهم ولو كان مسلمًا ، ولا يردوا إليه من جاء من عنده ، وانتهت المعاهدة عند هذه الشروط ، ونفذها النبي صل الله عليه وسلم ، موفيًا وعده معهم حتى هرب إليه رجل منهم يسمى أبا بصير .

أبا بصير ورسول الله :
فكتبت قريش إلى النبي صل الله عليه وسلم ، قائلة له : ابعث إلينا بصاحبنا ، فلقد وعدتنا وعاهدناك على رد من قدم عليك من أصحابنا ، فأمر رسول الله صل الله عليه وسلم ، أبا بصير أن ينطلق مع رسولهم ، فقال له أبو بصير : أتردني إلى المشركين يفتنونني في ديني ، فقال المصطفى رسول الله صل الله عليه وسلم : انطلق إلى قومك ، فإنا لا نغدر وإن الله جاعل لك من كل الضيق فرجا ..

رسول الله والوفاء بالعهد :
ولما استهل شهر ذو القعدة ، أمر النبي صلّ الله عليه وسلم ، أصحابه أن يشدوا رحالهم لقضاء العمرة ، فلما رأتهم قريش يحملون الأسلحة ، قالوا للنبي صل الله عليه وسلم : والله يا محمد ما عرفت بالغدر صغيرًا ، ولا كبيرًا ، أتدخل على قومك بالسلاح وقد أمنتهم وأمّنوك .

المثّل الأعلى في الوفاء :
فقال لهم المصطفى صلّ الله عليه وسلم : إنا لن ندخل بالسلاح ما داموا على الوفاء ، وسنترك سلاحنا في الخارج ، ونستعمله إذا حدث ما يدعوا إليه ، ولما انقضت أيام العمرة الثلاثة ، أعلمت قريش النبي صلّ الله عليه وسلم ، بانتهاء الموعد المضروب ، فقال لهم رسول الله صلّ الله عليه وسلم : إنا فاعلون في المساء إن شاء الله رب العالمين ، وأمر أن يؤذّن بالرحيل .

توثيق أواصر محبة قبائل العرب للرسول وأخلاقه :
ولما شاهدت القبائل ما أظهره النبي صلّ الله عليه وسلم ، من الوفاء بالعهد أحبته ، ومالت إليه وعاهدته ، حتى توثقت أواصر المحبة بينه وبين هؤلاء العرب ، وتلك هي نتيجة الوفاء .

By Lars