لقد اندلعت معركة كاهنة البربر بين المسلمين بقيادة حسان بن النعمان وبين جيوش البربر بقيادة كاهنة أوراس البربرية ، لتصبح إحدى المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي ، فما هي قصة معركة كاهنة البربر؟.
ما قبل المعركة :
تراجعت حركة الفتوحات الإسلامية في الشمال الإفريقي بعد أن غدر البربر بالقائد “عقبة بن نافع” أثناء معركة تهوذة في سنة 64م ، ثم أصبحت الأمور أكثر تعقيدًا بعد أن اُستشهد القائد “زهير بن قيس” وهو الذي تولى زمام الأمور بعد استشهاد عقبة بن نافع ، فقام الخليفة “عبدالملك بن مروان” بإرسال قائد آخر للمنطقة يتميز بكفاءته العالية وهو القائد “حسان بن النعمان”.
بدأ حسان بن النعمان بفتح مدينة قرطاجنة وهي واحدة من أعظم المدن المغربية آنذاك وكان الروم يسيطرون عليها ، فيما بعد سأل بن النعمان عن أقوى الملوك بإفريقية كي يسير إليه برسالة الإسلام فإما الهداية أو القتال ، فعلم أن أقوى الملوك هي “الكاهنة” ، وكانت سيدة في جبل أوراس ، وقد تولت زعامة البربر بعد مقتل “كسيلة”.
معركة عند نهر نيني :
انطلق بن النعمان إلي الكاهنة ووقع بينهما قتال أدى إلى هزيمة المسلمين عند نهر “نيني” ، والذي عُرف فيما بعد باسم “نهر البلاء” نتيجة لهزيمة المسلمين سنة 77 هجريًا ، فقام حسان بن النعمان بالعودة مع من تبقى من جيشه إلى القيروان ، وعسكر في منطقة خارج القيروان والتي أُطلق عليها فيما بعد اسم “قصور حسان”.
ظلّ حسان بن النعمان في معسكره بتلك المنطقة خمسة أعوام كاملة ، وذلك لأن الخليفة قد أمره بألا يتحرك من مكانه حتى يتلقى الأوامر ، وكان بن النعمان يستعد في تلك الفترة لمحاربة الكاهنة مرةً أخرى ، وأرسل من يترقب أخبار الكاهنة ، ثم طلب من الخليفة إرسال الإمدادات اللازمة لهذه المواجهة.
حماقة الكاهنة ومعركة جديدة :
كانت الكاهنة تملك منطقة المغرب كلها لمدة خمسة أعوام ، وقد اتخذت خلال تلك الفترة أسوأ وأغبى القرارات التي أدت إلى نهايتها ، حيث أنها أمرت بتخريب البساتين والمزارع والمراعي ، لأنها كانت تظن أن المسلمين يقومون بغزو البلاد من أجل تلك الثروات ، فكان عملها هذا بمثابة سلاح قوي في يد المسلمين ، حيث أنه كان ضدها نتيجة لخروج الكثيرين من قبائل البربر عن طاعتها ، وهو ما جعلهم يتصلون بالمسلمين لطلب العون في التخلص من حكم تلك الكاهنة التي تسببت في خراب بلادهم .
تمكن الخليفة “عبدالملك بن مروان” من القضاء على أعمال الفتن التي كانت داخل البلاد ، ثم قام فيما بعد بإرسال الإمدادات اللازمة إلى المغرب من أجل مساعدة القائد حسان بن النعمان في مواجهة الكاهنة ، وبعد أن اطمئن بن النعمان باكتمال جيشه انطلق في اتجاه جبال الأوراس التي كانت معقل للكاهنة آنذاك .
حينما اقترب حسان بن النعمان بجيشه من الكاهنة ؛ قامت بالخروج إليهم ناشرة شعرها ، وعملت على التكهن للبربر ، ولكن لم يكن هناك مفر من سيوف الجيش الإسلامي الذي خاض تلك المعركة يوم 2 رمضان من سنة 82 هجريًا بكل شجاعة ، ونجح الجيش الإسلامي في تحقيق النصر على الكاهنة التي قُتلت ، وبذلك استسلم البربر بعد انتهاء فتنة الكاهنة الحمقاء التي كانت بمثابة الشر القائم بينهم .