كان الله سبحانه وتعالى يخاطب رسوله صلّ الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه وهو القرآن الكريم ، والذي أنزله المولى عز وجل رحمة للعالمين حتى يهتدوا إلى الدين الإسلامي الحنيف ، وهناك من الآيات الكريمة ما يُعبر عن بعض المواقف أو الأحداث التي حدثت مع الرسول الكريم .
وقد أنزل الله تعالى الآيتين الكريمتين اللتين تأمران رسوله الكريم بألا يقول أنه سيفعل شيء غدًا حتى يشاء الله ، حيث يقول تعالى في سورة الكهف :” وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً (23) إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً”.
قصة نزول الآيتين الكريمتين :
ورد عن ابن عباس أنه قال أن قريش قد بعثت عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث إلى أحبار اليهود في المدينة ، حيث طلبوا منهما أن يسألاهم عن محمد وأن يصفا لهم صفته ويخبراهم بقوله ، وذلك لأنهم أهل الكتاب الأول وأنهم يمتلكون من علم الأنبياء ما ليس عند قريش ، وهكذا كان رأي قريش .
حينما وصلا المبعوثان من قريش إلى المدينة ، سألا أحبار من اليهود عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، كما وصفا لهم أمره وبعض مما ورد عنه من القول ثم قالا : إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا .
أجاب رجال الأحبار قائلين : سلوه عن ثلاث نأمركم بهن ؛ فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم ، سلوه عن فتية ظهروا في الدهر الأول ما كان من أمرهم ؛ فإنهم قد كان لهم حديث عجيب .
أما السؤال الثاني فيكون عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها يقال له ذو القرنين ما كان نبأه ، أما السؤال الثالث الذي حدده رجال الأحبار فهو عن الروح وما هي ، ثم قال رجال الأحبار : فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه ، وإن لم يخبركم فهو رجل متقول ؛ فاصنعوا في أمره ما بدا لكم .
مضى عقبة والنضر حتى بلغا قريش فتحدثا قائلين : يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد ، قد أمرنا أحبار اليهود أن نسأله عن أمور كذا وكذا ، حيث أخبراهم بما حدث ، فذهب جمع من قريش إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم فسألوه عما ذكره الأحبار .
في ذلك الوقت قال لهم رسول الله صلّ الله عليه وسلم :”أخبركم غدًا لما سألتم عنه” ، ولم يذكر الرسول أي استثناءات ، فانصرف الرجال في انتظار إجابة الرسول على أسئلتهم في الغد .
كان رسول الله أيضًا ينتظر نزول الوحي بإجابات شافية لتلك الأسئلة ، غير أن الوحي قد تأخر عليه في ذلك الوقت بالتحديد ، وقد قيل أنه تأخر خمسة عشر ليلة دون أن يأتيه جبريل عليه السلام ، حتى بدأ أهل مكة في القيل والقال حيث قالوا : وعدنا محمد غدًا ، واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشيء عما سألناه عنه .
شعر رسول الله صلّ الله عليه وسلم بالحزن من أثر تأخر الوحي وحديث أهل مكة عنه ، حينها أتاه جبريل عليه السلام بالوحي من عند الله بآيات مباركات من سورة الكهف ، حيث عاتبه الله عز وجل على حزنه وأمره ألا يقول لشيء إنه فاعله غدًا حتى يشاء الله ، وكأن المولى عز وجل أراد أن يلفت انتباه نبيه إلى أمر غاية في الأهمية وهو المشيئة الإلهية التي تفعل كل شيء .
أجاب الله تعالى أسئلة قريش عن أمر الفتية وأمر الرجل الطواف من خلال سورة الكهف ، وحينما جاءت الإجابة عن سؤال الروح قال تعالى فيها في سورة الإسراء :” وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا” .