لقد عرف الله سبحانه الحقوق ، أولا بمخاطبة الزوج أو ولي الأمر في أن مهر الزوجة لها لأنه أجر البضع ، ولكنه سبحانه فتح باب أريحية الفضل فإن تنازلت الزوجة فهذا أمر آخر ، وهذا أدعى أن يؤصل العلاقة الزوجية وأن يؤدم بينهما ، والمراد هنا هو طيب النفس ، وإياك أن تأخذ شيئًا من مهر الزوجة التي تحت ولايتك بسبب الحياء ، فالمهم أن يكون الأمر عن طيب نفس : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ) .. صدق الله العظيم .
الهنيء المريء :
والهنيء هو الشيء المأكول وتستغيسه حين يدخل فمك ، لكنك لم تأكل شيئًا هنيئًا في اللذة وفي المضغ وفي الأكل ، ولكنه يورث متاعب صحية ، إنه هنيء ، لكنه غير مريء ، والمقصود هو أن يكون طيب الطعم وليس له عواقب صحية رديئة ، وهو يختلف عن الطعام الهنيء غير المريء الذي يأكله الإنسان فيطلب بعده العلاج ، إذن فكل أكل يكون هنيئًا ليس من الضروري أن يكون مريئًا ، وعلينا أن نلاحظ في الأكل أن يكون هنيئًا مريئًا .
المهر وماء السماء والإمام علي بن أبي طالب :
والإمام علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، كرم الله وجهه ، جاء له رجل يشتكي وجعًا ، والإمام علي كما نعرف مدينة العلم والفتيان ، وهبة الله تعالى مقدرة على إبداء الرأي والفتوى ، لم يكن الإمام علي طبيبا ، لكن الرجل كان يطلب علاجًا من فهم الإمام علي وإشراقاته ، قال الإمام علي للرجل : خذ من صداق امرأتك درهمين ، واشتر بهما عسلاً ، وأذب العسل في ماء مطر نازل لساعته ، أي قريب عهد الله ، واشربه فإني سمعت الله يقول في الماء ينزل من السماء : (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا ) صدق الله العظيم ، وسمعت سبحانه وتعالى يقول في العسل : (فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ) صدق الله العظيم .
فإذا اجتمع في دواء البركة والشفاء الهنيء والمريء ، عافاك الله إن شاء الله ، لقد أخذ الإمام علي رضوان الله عليه وكرم الله وجهه ، عناصر أربعة ليمزجها ويصنع منها دواء ناجحًا ، كما يصنع الطبيب العلاج من عناصر مختلفة ، وقد صنع الإمام علي علاجًا من آيات القرآن .
آيات القرآن والعلاج الشافي :
ويقول الحق سبحانه وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) .. صدق الله العظيم.
نداء الله :
وساعة ينادي الحق سبحانه وتعالى عباده الذين آمنوا به ، ويقول سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ، فمعناها : يا من آمنتم بي بمحض اختياركم ، وآمنتم بي إلهًا له كل صفات العلم والقدرة والحكمة والقيومية ، مادمتم قد آمنتم بهذا الإله اسمعوا من الإله الأحكام التي يطلبها منكم .
إذًا فهو لم يناد غير مؤمن وإنما نادى من آمن باختياره ، وبترجح عقله ، فالله سبحانه وتعالى يقول : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) صدق الله العظيم .