كانت حياة الرسول صلّ الله عليه وسلم تملؤها البركة ، البركة التي كان الصحابة يشاهدونها ويتعجبون منها ، فما هي البركة !.
البركة :
البركة هي أنها تعطي للشيء أكثر من ظاهره ، فإذا كان هناك طبق من طعام يكفي شخصين ، وجلس أربعة أو خمسة أشخاص فأكلوا حتى شبعوا ، يقال أن هذا الطعام فيه بركة ، أي أن أعطاه أكثر من ظاهره .
فإذا أخذت قطعة من القماش ، وذهبت إلى الخياط فقاسها ، وقال أنها تنقص نصف متر أو متر، عما يكفي لصنع ثوب لك ، ثم قام بقصها فإذا بها تكفي ثوبًا وتزيد ، قلنا أن القماش فيه بركة .
رسول الله والبركة :
رسول الله صلّ الله عليه وسلم كان في يده بركة ، ما أن تضع في يده طعام إلا ينمو ويزداد ليكفي الكثريين ويزيد ، كان صلّ الله عليه وسلم لا يدعو لإنسان ببركة الرزق ، إلا ويزداد رزقه ويفيض عن حاجته ، وما يزرع نخلة إلا تؤتي ثمارها في نفس العام .
أبي طلحة وزوجته مع البركة :
يروى أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم كان ذاهبًا لزيارة أحد الصحابة ، وهو أبو طلحة ، وعندما سمع أبو طلحة صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قادم إليه ، قال لزوجته أم سليم : لقد سمعت صوت رسول الله صلّ الله عليه وسلم ضغيفًا فعرفت فيه الجوع ، فهل عندك من شيء نقدمه له ؟ فقالت : نعم .
وأخرجت أقراصًا من شعير ، ثم أخذت خمارًا لها فلفت الخبز ببعضه ، ثم دسته تحت ثوبي وردتني ببعضه ، أي جعلت بعضه رداء على الرأس ، ثم أرسلني إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم فذهبت به ، ووجدت رسول الله صلّ الله عليه وسلم ومعه الناس .
فقمت عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسلك أبي طلحة ؟ فقلت : نعم .. فقال رسول الله صلّ الله عليه وسلم : قوموا فانطلقوا وانطلقت بين أيديهم ، حتى إذا جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبا طلحة يا أم سليم : لقد جاء رسول الله صلّ الله عليه وسلم بالناس ، وليس عندنا ما نطعهم ، فقالت الله ورسوله أعلم .
فانطلق أبو طلحة حتى لقى رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، فأقبل الرسول معه حتى دخل ، وقال رسول الله : هلمي ما عندك يا أم سليم ، فأتت بذلك الخبر فأمر به رسول الله ففت ، وعصرت عليه أم سليم عكة لها فأدمته ، ثم قال فيه رسول الله صلّ الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول ، ثم قال : ائذن لعشرة ، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ، ثم قال : ائذن لعشرة ، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ، ثم قال : ائذن لعشرة ، فأذن لهم فأكلوا وشبعوا ، وهكذا أكل من القوم وشبعوا سبعون أو ثمانون رجلاً !.