ميثم بن يحيى النهرواني ، هو الصديق الأقرب لسيدنا ، علي بن أبي طالب ، ولُقّب بالتمار نظرًا لأنه كان تاجرًا ، يبيع التمور بالأسواق .
وكان ميثم التمار ، عبدًا لدى امرأة كانت من بني أسد ، وكانت تلك المرأة تطلق عليه اسم سالم ، وعندما رآه بعدها سيدنا علي ، كرم الله وجهه ، عرض على تلك المرأة أن يشتريه منها ، فوافقت فاشتراه وأعتقه ، ثم سأله عن اسمه فأجابه ميثم ، أن اسمه سالم .
ذهب سيدنا علي كرم الله وجهه ، إلى سيدنا رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وقص عليه ما حدث ، فقال له الرسول الكريم ، أخبره يا علي بأن اسمه ، الذي أسماه به والده من العجم هو ميثم وليس سالم ، فذهب سيدنا علي إلى ميثم ، وأخبره بحديث الرسول الكريم ، فتعجب ميثم منه لأن لا أحد يعرف اسمه الحقيقي ، وأخبر سيدنا علي بأن الرسول الكريم ، قد صدق وقال حقًا ، ومنذ ذلك الوقت صار ميثم رفيقًا لسيدنا علي ، ومن المقربين منه وتعلم معه ، أصول الدين وتفسير القرآن الكريم.
مكانة ميثم التمار :
يعد ميثم التمار أحد أكبر ، مفسري القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ، وكان هو الأقرب إلى سيدنا علي بن أبي طالب ، وابنيه الحسن والحسين ، وعمل فيما عُرف بشرطة الخميس ، في عهد سيدنا علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، حيث تعلم تفسير القرآن على يديه ، بعدما أعتقه ، وعندما تولى بعض أمور الخطابة ، كان هو أفضل من يخطب في الناس ، بالحجة والمنطق الدامغ فيجذبهم إليه للاستماع له ، وكثيرًا ما خرج إلى الصحراء برفقة سيدنا علي ، لقراءة القرآن وتدبره ، وكانا يصليان سويًا بإمامة سيدنا علي ، ثم يجلسان للدعاء قليلاً قبل العودة ، بعدما يراجعا ما تعلمه ميثم من أصول الدين ، وتفسير القرآن الكريم جيدًا .
مواقف بين سيدنا علي وميثم التمار :
وبذكر ما حدث من مواقف بين ميثم ، وسيدنا علي كرم الله وجهه ، أنه في أحد الأيام كان سيدنا علي قد ذهب لزيارة ميثم في حانوته الخاص به ، فاستأذنه ميثم أن يجلس بدلاً منه ، لبضعة دقائق حتى يذهب لقضاء حاجة ثم يعود إليه ، فوافق سيدنا علي وجلس ، فأتاه أحد الرجل يريد شراء التمر ، فباعه سيدنا علي كمية قدرها أربع دراهم ، وعندما أتى ميثم وجد أن الدراهم ليست أصلية ، وقد تم خداع سيدنا علي .
فهدأ سيدنا علي من غضب ميثم ، وأخبره أن الرجل سوف يعود مرة أخرى ، وبالفعل عاد الرجل إلى الحانوت مرة أخرى ، وهو يشكو مرارة التمر الذي حصل عليه ، فأجابه سيدنا علي أن التمر يكون علقمًا ، عندما يُشترى بدراهم زائفة .
عندما أخبر سيدنا علي ميثم بطريقة مقتله :
دعى سيدنا علي كرم الله وجهه ، ميثم التمار فأتاه ، فجلس معه ليحدّثه بشأن مقتله ، والكيفية التي سوف يلقى بها ربه ، فقال له متسائلاً ، عن ردة فعله إذا ما أراد منه ، بني أمية أن يتبرأ من سيدنا علي ، فأجابه ميثم التمار أنه لن يفعل ذلك قط ، فأجابه سيدنا علي بأن الرسول الكريم صلّ الله عليه وسلم قد تنبأ بموته ، وقال أن ميثم سوف يرفض التبرأ منه ، وسوف يلقى جزاء ذلك بتقطيع يديه ورجليه ، حيث يُقتل ويُصلب ويُقطع لسانه ، ثم بشّره بأنه إن صبر على هذا كله ، فسوف يكون في عليين وفي نفس درجة الجنة ، مع سيدنا علي .
وعقب مُضي فترة من الوقت ، جاء بعض الناس يشكون عاملاً بالسوق ، وذهبوا إلى التمار يطلبون منه المساعدة حتى يغيّره ، وعندما ذهب ميثم أعجب به الأمير وبحجته القوية ، إلا أن عمرو بن حريث ، ذهب للأمير وأخبره أن ميثم كاذب ، وأنه رفيق الكذاب علي بن أبي طالب ، إلا أن ميثم قال له بل أنا الصادق وعلي صادق ، وأن عمرو هو الكذاب الأشر .
هنا هدد عبيدالله بن زياد ، ميثم التمار بأنه سوف يقتله ، فأجابه ميثم بأن سيدنا علي ، قد نبأه بأن العتل الزنيم ، سوف يقطع يديه ورجليه ولسانه ، فسأله عبيد الله ومن هو الزنيم ، فأخبره أنه ابن المرأة العاهرة ، فأقسم عبيدالله بأن يقطع رجليه ويديه فقط ، وأن يترك لسانه حتى يكذب علي ، ويكذب ميثم التمار أيضًا .
وبعدما فعل عبيدالله فعلته ، ظل ميثم يصرخ في الناس ، وينادي بفضائل بني هاشم ويعدد ظلم بني أمية ، فما كان من عبيدالله سوى أن قطع لسانه ، على مرأى من الناس ، ليصاب ميثم بنزيف من فمه وأنفه ، فتركه بن زياد ثم طعنه في اليوم الثالث ، بحربته ليمت وهو يكبر .