في غزوة أحد أرجف المرجفون ، أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم قد قتل ، كان كل ذلك تمحيصا من الحق للمؤمنين ، فمن الذي يثبت مع هذا ؟ الذي يثبت مع هذا هو الذي على الحق ، ثقة منه في دينه ، وثقة منه في رسوله وثقة منه في أن الله لن يخزل رسول الله صلّ الله عليه وسلم أبدًا .
سعد بن ربيع المجاهد الشهيد :
ولذلك لما طلب رسول الله صلّ الله عليه وسلم بطلاً من أبطال المسلمين الذين كانوا حوله ، وهو سعد بن ربيع ، فقام زيد بن ثابت يتلمسه ، فقال زيد : ذهبت لأتحسسه ، فرأيته وثد جرح سبعين جرحًا ما بين ضربة سيف ، وطعنة رمح ورمية سهم ، ولما رآه زيد قال له : رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ، ويقول لك : كيف تجدك ؟ أي كيف حالك ؟
الشهادة والجنة وتحذير النصار :
قال سعد لزيد : السلام على رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وقل له : أجدني أجد ريح الجنة ، وقل للأنصار ليس لكم عند الله عذر ، إن خلص على رسول الله وفيكم عين تطرف ، إنه الصحابي الجليل ، الذي يحذر الأنصار من أن يتمكن أحد من رسول لله صلّ الله عليه وسلم ، وبعد ذلك فاضت روحه ، فلنلحظ إلى آخر ما كان من الصحابي الجليل حين أثخنته الحرب ، فلم يقو على أن يحارب بنصاله ، انتهز بقية الحياة ليحارب بمقاله .
غاية المجاهد :
ولتصير كلماته دويًا في آذان المسلمين ، وليعلم هؤلاء الذين أثخنوه جراحًا ، ما صنعوا فيه ، إنهم قربوه من لقاء ربه ، وأنه ذاهب إلى الجنة ، وتلك هي الغاية التي يرجوها كل مؤمن ومن أجلها يجاهد.
عمرو بن جموح وعذر الجهاد :
ونجد أيضا أن الذين عذرهم الله تعالى من الجهاد يتطوعون للجهاد ، فمثلًا عمرو بن الجموح رضيّ الله تعالى عنه ، كان أعرج والعرج عذر له من الجهاد ، لقوله تعالى : (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) .. صدق الله العظيم . وكل أولاده ذهبوا إلى المعركة .
الرسول وموقف عمرو بن الجموح من الجهاد :
ومع ذلك يطلب السماح من رسول الله صلّ الله عليه وسلم بأن يذهب إلى المعركة ، فيقول له رسول الله صلّ الله عليه وسلم : ( أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد ) صدق رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، فيقول للرسول صلّ الله عليه وسلم : يا رسول الله ، أنا أحب أن أطأ بعرجتي هذه الجنة .