هو عبدالله بن الزبير ابن الصحابي الجليل الزبير بن العوام أحد المبشرين بالجنة ، وأمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، وهو أول مولود للمسلمين في المدينة بعد هجرة رسول الله صلّ الله عليه وسلم إليها ، وجده هو أبو بكر الصديق وجدته هي صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله .

حينما كان عبدالله بن الزبير طفلًا في السادسة من عمره كان يلعب مع الأطفال بالمدينة المنورة ، فمر عليهم أمير المؤمنين عمر وكان لسيدنا عمر بن الخطاب هيبة عجيبة ، حيث تقول عنه كتب السيرة الإسلامية أنه كان له هيبة عجيبة بين الناس فيقال بأن امرأة حاملًا فوجئت به فسقط ما ببطنها من حمل .

وعندما علم بعد ذلك بما حدث لها صعد إلى المنبر وقال : يا أيها المسلمون إن أميركم عمر وهو يسير في الطريق فاجأ امرأةً حاملًا ، وبلغني أنها أجهضت ما في بطنها خوفًا منى فهل عليّ غرة ؟ أي هل عليّ دية ؟ فقال له الصحابة : يا أمير المؤمنين امرأة خافت وأسقطت ما في بطنها فلماذا الدية !

وكان سيدنا علي رضي الله عنه يجلس بينهم فقال له : يا أمير المؤمنين إن كانوا قد نصحوك فقد غشوك ويوم القيامة لن ينفعوك وعليك عشر دية ، فأنفق سيدنا عمر بن الخطاب عشرة من الإبل كفارة لأنه أخاف المرأة فأسقطت ما في بطنها ، وهنا نتخيل أن سيدنا عمر بن الخطاب  كان يمر والأطفال يلعبون وعندما شاهدوه انطلق كل واحدًا منهم في اتجاه يختبئ إلا طفلًا صغيرًا وقف ينظر إلى عمر بن الخطاب .

فوقف سيدنا عمر أمام الغلام وجثا على ركبتيه بكل تواضع لهذا الغلام الصغير ، ثم قال له : يا بني لماذا لم تنصرف مثلما انصرف باقي الأطفال ، فقال له الطفل البالغ من العمر ست سنوات : ( يا أمير المؤمنين ليست الطريق ضيقة حتى أوسعها لك ولست جانيًا حتى أخاف منك ) .

فتبسم سيدنا عمر للباقة وبلاغة هذا الطفل وسأله عن اسمه قائلًا من أنت ؟ فقال الطفل أنا عبد الله ابن الزبير فقال له سيدنا عمر ابن العوام ؟ فقال الطفل نعم فقبل سيدنا عمر يد الصبي ورأسه ودعا له بالبركة ، لقد تربى هذا الطفل الصغير على يد ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر ، فيا لها من أم مسلمة تلك التي ربت هذا الطفل الواثق من نفسه .

وهذا ليس ببعيدًا عليها فعندما هاجر أبوها سيدنا أبو بكر مع رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وتركها بمنزلهم بمكة وطرق عليها جبار قريش يومها الباب وهو أبو جهل ، وهي في سن 13 عامًا فقط وقال لها أين أبوك ؟ فقالت لا أعلم ، فما كان من أبو جهل إلا أن لطمها على وجهها فسال الدم من أنفها .

ثم قالت لأبو جهل : عندما لم تقدر على الرجال تضرب النساء هل هذه من مروءة العرب ؟ تلك الثقة بالنفس التي زرعتها في أبنائها ومنهم عبد الله بن الزبير الذي أبهر عمر بن الخطاب برصانته ولباقته وثقته الشديدة بنفسه ، وقد عرف عن عبدالله ابن الزبير خشوعه لله تعالي في صلاته ، حتى ذكر عنه في الأثر أنه كان يصلي يومًا فسقطت حية من سقف البيت .

وطوقت بطن ابنه هاشم فصرخ نساء البيت واجتمع الجميع ليقتلوها ، وبالفعل قتلوها ونجا الطفل كل هذا حدث وهو يصلي ولم يلتفت ولم يدري ما حدث حتى أنهى صلاته ، كما يقول عنه عمرو بن دينار : (ما رأيت مصليًا قط أحسن صلاة من عبدالله بن الزبير) ، وقد توفي هذا المجاهد التقي سنة 73 هجرية رحمه الله عليه وعلى كافة الصحابة أجمعين .

By Lars