أشرقت الصحابيات الجليلات في سماء الإسلام بعهد رسول الله صلّ الله عليه وسلم ؛ فأنرن الدروب بقوة إيمانهن وصبرهن وسعيهن إلى رضا الرحمن ، ومن بينهن ظهرت أم رومان وهي زوجة أبي بكر الصديق ؛ التي آمنت بالله ورسوله .
نسبها ونشأتها :
أنها الصحابية المعروفة باسم أم رومان بنت عويمر بن عبد شمس بن عتاب ، وقد حدث خلاف كبير على أصل نسبها ؛ غير أنه أصبح هناك إجماع على أنها تنتسب إلى بني غنم بن مالك بن كنانة .
كانت نشأتها في إحدى المناطق بجزيرة العرب والتي كانت تُدعى السراة ، وتميزت بأدبها وفصاحتها بين قومها ، كانت متزوجة قبل أبي بكر من الحارث بن سخيرة الأزدي ؛ وهو كان واحدًا من الشباب البارزين داخل قومه ، وقد أنجبت منه الطفيل ، أراد زوجها أن يقيم في مكة المكرمة لذلك دخل في حلف أبي بكر الصديق ، وكان ذلك الحدث قبل الإسلام ، ثم رحل الحارث عن الحياة بعد مدة قصيرة ؛ مما جعل أبو بكر يتزوج من أم رومان اكرامًا لصديقه الذي توفى .
دخولها في الإسلام :
حينما قام رسول الله صلّ الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإسلام ؛ كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه سابقًا للرجال في الفوز بدخول الإسلام وكأنه كان يسبقهم لدخول الجنة بعد أنبياء الله عليهم السلام ، وقد جنا أبو بكر ثمار إيمانه الصادق في أهل بيته ؛ حيث أقبلت أم رومان على الدخول في الإسلام بقلب سليم ؛ فأسرعت لتنطق شهادة التوحيد ، وقامت بمبايعة النبي وهاجرت مع أهل بيته إلى المدينة .
أنجبت أم رومان من أبي بكر السيدة عائشة رضي الله عنها ، وحينما كان يأتيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اعتاد زيارة صاحبه أبي بكر ؛ كانت تستقبله أم رومان بالترحاب والبشر والسرور .
بعض مواقفها مع رسول الله وابنتها عائشة :
كانت أم رومان نعم الأم الحنون التي كانت بجوار ابنتها دائمًا وخاصةً في أزمتها التي عُرفت بحادثة الإفك التي اُتهمت فيها السيدة عائشة رضي الله عنها في شرفها بالزور والكذب ، لقد تحدثت أم رومان بشأن هذا الموضوع حيث قالت أنها كانت تجلس مع ابنتها عائشة حتى جاءتهما سيدة من الأنصار فقالت لهما : فعل الله بفلان وفعل .
وحينما سألتها أم رومان : لم ؟ ، قالت : إنه نما ذكر الحديث ، فسألتها السيدة عائشة : أي حديث ؟ ، فأخبرتها تلك السيدة بما يدور حولها من حديث كاذب والذي علم به رسول الله صلّ الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق .
ذكرت أم رومان أن السيدة عائشة سقطت مغشيًا عليها بعد سماع هذا الحديث ، وقد أصابتها حمى بسبب ذلك الكلام الذي أصابها بالألم الشديد ، وقد بقيت أم رومان بجوار ابنتها التي برأها المولى عزوجل في كتابه العزيز .
وقد تحدثت السيدة عائشة رضي الله عنها عن بعض المواقف التي جمعت بينها وبين أمها الحنون أم رومان ؛ حيث ورد على لسان السيدة عائشة أنها قالت : تزوجني النبي وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج فوعكت فتمزق شعري فوفى جميمة ؛ فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي ؛ فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي .
ثم أخذت شيئًا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ، ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت ؛ فقلن : على الخير والبركة وعلى خير طائر فأسلمتني إليهن ؛ فأصلحن من شأني ؛ فلم يرعني إلا رسول الله ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين .
وفاتها :
حدث خلاف بشأن وفاتها حيث قيل أنها قد توفيت في سنة ستة من الهجرة ، وقد دفنها الرسول صلى الله عليه وسلم واستغفر لأجلها وقال “مَن سره النظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان” ، ولكن هناك رأي أرجح يقول أنها قد عاشت بعد هذا التاريخ بكثير ولهم حجج أقوى والتي أخذ بها البخاري ؛ حيث توفرت لديه الأدلة القوية ومنها : حديث مسروق ويأتي فيه “عن مسروق سألتُ أم رومان “.