عطاء بن أبى رباح هو أحد التابعين ، ويدعى مولى آل أبي خيثم الفهري القرشي ، وعقب أن أسلم اتخذ اسم أبي رباح ، وكان عطاء قد ولد باليمن ، عام سبع وعشرين إبان فترة خلافة سيدنا عثمان بن عفان ، وكان يتصف بأنه أسود أعور أشل أعرج ، وكان قد عمي في آخر عمره ، وكان من أشد التابعين علمًا وفقهًا ، وظل يجلس ويمكث بالمسجد الحرام ، حتى قيل أنه ليس له من فراش سواه ، وذلك حتى مات .
الصحابة الذين علّموا عطاء بن رباح :
استطاع عطاء بن رباح أن يتلقى العلم على أيدي بعض العلماء من الصحابة ، وكان من بينهم عبدالله بن عمر ، وعبدالله بن عباس حبر الأمة ، كما استمع وأنصت إلى أبي هريرة ، وأخيرًا السيدة عائشة رضي الله عنها .
جرأة عطاء بن أبي رباح وملامح شخصيته :
كان عطاء بن رباح ، مشهورًا بطلبه استرداد الحقوق ، وفي هذا الأمر قصة ، حيث دخل عطاء بن رباح إلى هشام بن عبدالملك ، فرحب الأخير به وسأله عن حاجته ، فلما كان لدى هشام بن عبدالملك ، بعض الضيوف يتحدثون فسكتوا .
فتحدث عطاء وقال لهشام جئت أذكرك ، بإعطاء أرزاق أهل الحرمين ، فأمر غلامه بأن يكتب ، لأهل المدينة وأهل مكة عطاء أرزاقهم ، ثم سأله هل لك شيء آخر يا أبا محمد ، فأجابه عطاء أن يمنح لأهل الحجاز وأهل نجد وأهل الثغور ، ففعل هشام بن عبدالملك ، فذكره عطاء بأهل الذمة وأخبره ، ألا يشق عليهم بما لا يطيقونه ، ثم أخبره قبل أن ينصرف ، أن يتق الله في نفسه ، فإنه قد خلق وحده ، ويموت وحده ويحاسب وحده .
فانكب أمير المؤمنين باكيًا ، ثم لحق أحد الرجال بعطاء عقب انصرافه ، وأعطاه كيس به دنانير أو دراهم ، ولكن عطاء لم يأخذه وقال له ، {مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، ثم خرج ولم يحتسي لديهم شربة ماء .
علم عطاء بن أبي رباح :
كان عطاء بن رباح ، يبلغ من العلم درجة عالية جدًا ، فكان يجلس ويجمع الفتية حوله ، عقب وفاة حبر الأمة ، عبدالله بن عباس ويعلمهم من علمه ، فلما جاء إلى مكة ، ابن عمر قال لهم مستنكرًا ، أتجمعون لي يا أهل مكة وفيكم عطاء بن رباح ، فهو يعلم أن بن رباح لم يكن يرغب في الجاه أو المال ، أو شيء من متاع الدنيا ، وإنما كان يبتغي وجه الله ، حتى أن سلمة بن كهيل قال عنه ، أنه لم ير أحدًا يبتغي بعلمه وجه الله ، سوى عطاء ومجاهد وطاووس .
تواضع عطاء بن أبي رباح :
ذهب بن ليلى إلى عطاء بن رباح ، فظل الأخير يسأله ويستشيره ، فاستنكر من حوله ذلك ، وسألوه كيف يسأل بن ليلى ، فأجابهم أنه أعلم منه فيما سأله ، وهكذا كان عطاء رمز للتواضع وأهل له .
خوف عطاء بن أبي رباح وخشيته من الله :
كان عبدالعزيز بن رفيع ، قد ذهب إلى عطاء بن رباح ، يسأله عن أمر ما ، فأجابه عطاء بأنه لا يستطيع الإجابة لأنه لا يعرف ، فاستنكر عبدالعزيز ذلك ، وسأله رأيه فأجابه بن رباح ، أنه يستحي من الله أن يدان في الأرض برأيه .
وفاة عطاء بن أبي رباح :
توفى عطاء بن رباح ، عام أربعة عشرة ومائة ، وقيل في بعض المصادر أنه قد توفي في خمس عشرة ومائة ، وأنه ما كان لديه فراشه سوى المسجد ، ظل به حتى مات .