هي الصحابية حذافة بنت الحارث السعدي التي اشتهرت بالشيماء أخت الرسول ، وهي من قبيلة هوازن وأبوها هو الحارث بن عبد العزى بن ملان بن ناصرة ، وأختها أنيسة بنت الحارث أما أخوها فعبدالله بن الحارث ، وهي بنت مرضعة رسول الله صلّ الله عليه وسلم حليمة السعدية ، التي أرضعت النبي واهتمت به في بادية بني سعد ، وكانت حذافة أكبر من رسول الله صلّ الله عليه وسلم بست سنوات وكانت تهتم برسول الله وترعاه ، وتلاعبه وتقول :
يا ربنـا ابقِ لنا محمدًا **حتى أراه يافعـًا وأمـردًا **ثم أراه سـيدًا مسـودًا **واكبتْ أعاديه معًا والحُسَّدًا ** وأعطه عزًا يدوم أبدًا*
ولأن فترات الطفولة هي التي تترك أثرًا كبيرًا في حياة الإنسان ، تأثر النبي بتلك الفترة التي قضاها في بيت حليمة السعدية ، فقد أقام الرسول صلّ الله عليه وسلم في بني سعد حتى الخامسة من عمرة ، يتربي مع بني سعد وينمو في البادية ويخرج مع أولاد حليمة ، وأخته الشيماء ترعاه وتهتم به وتلعب معه ، ولقد تركت تلك السنوات في نفس الرسول أجمل الأثر ، وبقيت الشيماء وأهلها موضع حب وتقدير كبير عند رسول الله طوال حياته .
وتمر السنين وتنتشر دعوة رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وتقع الحروب بين المسلمين وأعداء الإسلام ومن ضمنها غزوة حنين ، التي وقعت فيها الشيماء في الأسر في أيدي المسلمين ، وكانت من أسرى قبيلة هوازن ولم تكن قد أسلمت بعد وكبر سنها وتغيرت الملامح عن الصغر فلم يعرفها البعض ، ولكنها أخبرت المسلمين بأنها أخت رسول الله من الرضاعة فلم يصدقها أحد .
وتم أخذها إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم فقالت له : إني لأختك من الرضاعة فقال لها رسول الله وما علامة ذلك ؟ ، فقالت عضة عضضتها لي في ظهري ، فعرف رسول الله صلّ الله عليه وسلم تلك العلامة ، فبسط لها رداءه الشريف وقال أجلسي ها هنا ، وخيرها رسول الله بأن تقيم عنده مكرمة أو إذا أرادت العودة إلى أهلها ، فاختارت العودة إلى أهلها وأسلمت السيدة حذيفة بنت الحارس .
وأعطاها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ثلاثة من العبيد وجارية ، وأكرمها حتى عادت إلى قومها بل وأكرم رسول الله بني سعد كلهم لأجلها ، فلما كان انتصار المسلمين عليهم وقد غنم المسلمين أموالهم ونسائهم ، حضر وفد هوازن لرسول الله وأسلموا وأخبروا رسول الله أنه قد أصابهم من البلاء الكثير ، وأنشد واحدا منهم تلك الأبيات وقال :
أمنن علينا رسول الله في كرم ** فانك المرء نرجوه وننتظر
أمنن علي بيضة قد عاقها قدر ** ممزق شملها في دهرها غير
أبقت لنا الدهر هتافا على حزن ** على قلوبهم الغماء والغمر
يا خير طفل ومولود ومنتجب ** في العالمين إذا ما حصل البشر
أمنن على نسوة قد كنت ترضعها ** وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته ** واستبق منا فانا معشر زهر
فقال لهم رسول الله صلّ الله عليم وسلم : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ، وقال لهم رسول الله : وإذا قمت إلى الصلاة فقوموا وقولوا إنا نستشفع برسول الله في نسائنا وأبنائنا فاني سأعطيكم عند ذلك ، فصلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم بالناس الظهر، فقالوا ما أمرهم به رسول الله بعد الصلاة .
فقال رسول الله : ( أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ) وحينها قال المهاجرين وما كان لنا فهو لرسول الله ، وأيضًا قالت الأنصار : وما كان لنا فهو لرسول الله وبهذا أكرمهم رسول الله وأكرمهم المهاجرين والأنصار ، وحينما توفي رسول الله ارتدت بعض القبائل ومنها هوازن .
فوقفت الشيماء بكل شجاعة ضدهم ودافعت عن إسلامها ودينها ، وظلت تدافع عن دينها إلى أن نجا الله قومها من تلك الفتنة المغرضة ، وكانت عابدة زاهدة اشتهرت بمديحها وشعرها في رسول الله ودين الله عز وجل ، وتوفيت في العام التاسع من الهجرة بعد سنوات من الطاعة والعبادة قضتهما في حب الله ورسوله .