ولد الصحابي الجليل أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري بيثرب لوالده عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد ووالدته نسيبة بنت قيس بن الأسود بن مرى ، شارك في بيعة العقبة الثانية وعمره فقط 20عامًا .

كما شهد أيضًا غزوة بدر وانتزع راية الكفار من أبي عزيز بن عمير واستطاع أسر العباس بن عبد المطلب ، وينتمي هذا الصحابي إلى الرعيل الأول من الصحابة رضوان الله عليهم ، وكان من الفئة القليلة التي شهدت غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة .

ويقول ابن عباس رضي الله عنه : أن النبي صلّ الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر إني قد عرفت أن رجال من بني هاشم قد أخرجوا كرهًا ، لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي أحدًا منهم فلا يقتله ، ومن لقي أبا البحتري ابن هشام ابن الحارث فلا يقتله ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلّ الله عليه وسلم فلا يقتله ، فانه إنما أخرج مستكرهًا .

وهكذا صدر الأمر من رسول الله صلّ الله عليه وسلم لأصحابه في تلك الغزوة المباركة ، وسمع ذلك الأمر الصحابي الجليل أبو اليسر وبدأ القتال بين المسلمين والكفار وأبلى أبو اليسر فيه بلاءً حسنًا وقتل الكثير من صناديد الكفر ، فقتل يومها عاصم بن عوف وانتزع راية المشركين يوم .

أبو اليسر كعب

بدر وبينما هو في قلب المعمعة انتهى إلى العباس بن عبد المطلب وهو قائم على ربوه ، وكأنه معتزل القتال ، فقال له أبو اليسر جزتك الجواري أتقتل إبن أخيك ؟ فقال ما فعل محمد ؟ وهو بذلك كان يقصد أن يسأل عن محمد النبي صلّ الله عليه وسلم وهل أصيب أم ماذا ؟

فأخبره أبو اليسر الله أعز وأنصر ، فقال العباس بن عبد المطلب : كل شيء ما خلا محمدًا خلل ، أي كل شيء ما عدا محمد يهون ، وأكمل العباس بن عبد المطلب قائلًا لأبو اليسر ماذا تريد ؟ فقال له أبو اليسر إن رسول الله نهى عن قتلك ، قال العباس ليس بأول صلته وبره وانطلق أبو اليسر بالعباس أسيرًا إلى رسول الله .

وكان العباس طويل القامة قويًا وكان الصحابي الجليل أبو اليسر قصير القامة ، فقال له رسول الله كيف أسرت العباس ؟ فقال أبو اليسر أعانني عليه رجل أخر ووصف صفات هذا الرجل للنبي ، فقال له رسول الله : لقد أعانك عليه ملك من السماء .

وقال رسول الله للعباس بن عبد المطلب أفدي نفسك ففدى نفسه بمائة أوقية من الذهب ، وتزوج الصحابي الجليل أبو اليسر بعد غزوة بدر ورزقه الله بعمير بن كعب ، وظل يجاهد بنفسه حيث شهد المشاهد كلها مع رسول الله ، فشارك في غزوة أحد وغزوة الأحزاب وكان أيضًا بفتح خيبر .

وكان حريصًا دائمًا على أن يكون قريبًا من الرسول صلّ الله عليه وسلم في كل الغزوات ، ودخل مكة يوم فتحها مع رسول الله وفي خلافة أبو بكر الصديق شارك في الجهاد ضد المرتدين ، وشارك في فتح بلاد فارس في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب فكان فارسًا لا يشق له غبار .

لكنه أصيب يوم القادسية في ساقه فلزم مسجد رسول الله يتدارس مع المسلمين القران الكريم وسنة رسول الله صل الله عليه وسلم ، إلى أن توفاه الله بالمدينة سنة 55 من الهجرة في خلافة معاوية بن أبي سفيان ، وقيل أنه أخر من مات ممن شهدوا بدر .

ولقد روي أبو اليسر أحاديث قليلة عن رسول الله ومن الأحاديث التي رواها : عن أبو اليسر صاحب رسول الله قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم : (من أحب أن يظله الله عز وجل في ظله فلينظر المعسر أو ليضع عنه) ، ولقد كان هذا الصحابي الجليل سببًا في نزول الآية الكريمة رقم 114 من سورة هود بسم الله الرحمن الرحيم : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) .

فقد كان أبو اليسر يبيع التمر بالمدينه وجاءته امرأة لتشترى التمر ، فأخبرها بأن هناك تمر بالبيت أجود فدخلت بيته فهوى إليها ليقبلها ، ثم ندم مباشرة على ما فعل وقابل سيدنا عمر بن الخطاب وسأله ، فقال له سيدنا عمر : اتق الله واستر على نفسك .

ولكنه لم يصبر وذهب إلى رسول الله وأخبره بما فعل فقال رسول الله : أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا ) ، فقال أبو اليسر حتى تمنيت أنه لم أكن أسلمت إلا تلك الساعة ، حتى ظننت أنني من أهل النار ، فأطرق رسول الله صلّ الله عليه وسلم طويلًا حتى أوحى الله إليه بالآية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) صدق الله العظيم .

فقال له رسول الله بعد صلاة العصر أصليت العصر معنا ؟ فقال الصحابي الجليل نعم ، فقال رسول الله لقد عفا الله عنك فقال الصحابة أله خاصة ؟ فقال رسول الله إنها للناس عامة وهنا تظهر عظمة الدين الحنيف فمن منا لا يخطئ ولكن الحسنات يذهبن السيئات ، رحمة الله على نبينا العظيم وعلى الصحابة أجمعين .

By Lars