معجزات نبينا محمد صلّ الله عليه وسلم ، كثيرة وتتجلى فيها رحمة الله عزوجل ، وقدرته ونصره لكل من آمن ، به وبكتابه وبرسوله الكريم ، وفي قصتنا هذه عبرة وعظة ودروس نسردها في النهاية .

عندما حانت اللحظة الحاسمة ، أذن المولى عزوجل لرسوله الكريم ، محمد صلّ الله عليه وسلم ، وأمره بالهجرة من مكة والانطلاق صوب المدينة ، وهنا علم رجال قريش بما ينوي الرسول الكريم ، فقاموا بوضع خطة تحت إشراف الشيطان ، وهموا بأن يقتلوا محمدًا ، وعزموا على التخلص منه عاجلاً ، حتى لا يَلحق به الناس وبدينه الذي يدع إليه ، أكثر من هذا العدد الذي آمن معه .

استقر رأي كفار قريش في النهاية ، على جمع رجل من كل قبيلة ، يكون هو أقوى فتيانها ومشهود له بذلك ، حتى يأتوا على الرسول الكريم ويضربونه بقوة ضربة رجل واحد ، فتتفرق دمائه بين القبائل ، فلا يستطيع أتباعه أن يستردوا ثأره من كل تلك القبائل ، نظرًا لاختلاف انتماء الضاربين ، ولكن هل لك أن تظن بأن الله سوف يترك رسوله ، بين أيدي المشركين يفعلون به ما يحلوا لهم؟ الله رب المستضعفين في الأرض ، ينصرهم وينصر دينه ، مهما بلغ الطغيان وبلغت قوة المشركين .

كانت كتيبة الاغتيال التي أعدها رجال قريش ، مكونة من أربعين رجلاً ، مكثوا جميعًا أمام دار رسول الله الكريم ، وأخذوا ينتظرون خروجه لفترة من الوقت ، فقسموا أنفسهم إلى ورديات ، تتلصص على منزل الرسول الكريم ، من ثقب في باب منزله ، وإن دلل هذا الأمر على شيء ، فإنما يدلل على هتك المشركين ، لحرمات البيوت وسوء تأدبهم مع من حولهم .

بينما كان المشركين على هذا الحال ، أتى أمر الله عزوجل  ، إلى نبيه الكريم صلّ الله عليه وسلم ، بأن يخرج من منزله فورًا ، فقام الرسول محمدًا وخرج من منزله ، وهو يتلو عليهم قول الله تبارك وتعالى { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} صدق الله العظيم.

هنا ما حدث للكفار كان معجزة إلهية عظيمة ، فقد أخذ الله أبصارهم للحظات ، شخصت فيها أبصارهم ، وصاروا مفتوحي الأعين ، وهم لا يشاهدون شيئًا أمامهم ، وكأنهم في سبات عميق وهم نائمون .

هنا شعر المشركون بالقلق ، حيال تأخر الرسول الكريم في الخروج من منزله ، فقد طال الانتظار كثيرًا وبدؤا يتململون منه ، فقرروا أن يداهموا بيت الرسول ، وبالفعل دخلوا ليجدوا علي بن أبي طالب نائم في فراش النبي الكريم ، وقد تغطى بالبردة الخضراء ، حيث استبقاه رسول الله في مكة من أجل رد بعض الأمانات إلى أصحابها ، وكذلك التمويه على المشركين أثناء مهاجمتهم له ، بأن ينام في الفراش بدلاً منه ، فيظنوا بأن الرسول نائمًا ولم يخرج من داره .

وكان ذلك حسن تخطيط وتوكل على الله عز وجل تكلل بالنجاح ، وكتب الله لرسوله النجاة من تلك المؤامرة التي تربصت به ، بمعجزات عدة عجز عن تفسيرها المشركون ، بل وازدادوا كفرًا وشركًا بالله ، وصارت قلوبهم أشد غلظة من الحجارة.

وهكذا نستفيد بأن الخطة الناجحة ، تأتي أولاً بالتوكل على الله  والاجتهاد ، وكذلك أن الاتحاد قوة وقد أدرك هذا الجانب المشركون ، حين وزعوا أنفسهم بين القبائل ، وأيضًا عدم التلصص على بيوت غيرنا دون أن يؤذن لنا ، وأخيرًا لابد لنا من رد الأمانات إلى أصحابها ، حتى لو كانوا من الكفار .

By Lars