قال تعالى في كتابه العزيز في سورة آل عمران : هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء (38) فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ  ، صدق الله العظيم

كان سيدنا زكريا عليه السلام قد أصابه الكبر فقد بلغ سبعة وسبعين عامًا ، وكانت زوجته عاقرًا لا تلد ، فلما دخل سيدنا على مريم المحراب وجد عندها فاكهة في غير أوانها فلما سألها من أين لك هذا قالت هو من عند الله ، هناك دعا سيدنا زكريا الله أن يرزقه بغلام ، فأمره الله أن يعتكف بالمحراب ثلاثة أيام لا يكلم أحدًا .

ثم رزقه الله عز وجل بغلام أسماه يحيى قال تعالى في سورة مريم :يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً ۖ وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا .

وكان الله عزوجل قد خفف عن سيدنا يحيى ثلاثة أوقات تمر عصيبة على الإنسان وهي يوم الميلاد ويوم الموت ويوم البعث ، وقيل أن سيدنا عيسى عليه السلام قد قابل سيدنا يحيى فقال له استغفر لي أنت خيرًا مني ، فقال له يحيى استغفر لي أنت خيرًا مني فقال سيدنا عيسى أنت خيرًا مني سلمت على نفسي وسلم الله عليك  .

وقد أتاه الله الحكمة وهو طفل طفلًا صغيرًا ، فكان الصبيان يقولون له هلم بنا نلعب فيقول لهم ما للعب خلقنا ، فقد كان عليه السلام يحب أن يدرس الكتاب منذ صغره ، وكان كلما كبر ازداد وجهه نورًا ، كما أنه كان بارًا بوالديه وبارًا بجميع المخلوقات ، وكان لا يملك درهمًا ويلبس الوبر .

لما كبر سيدنا يحيى عليه السلام أمره الله عز وجل أن يبلغ بني إسرائيل خمس كلمات ليعملوا بهن ، ولكنه كاد أن ببطيء لأنه خاف منهم  فقابله سيدنا عيسى عليه السلام وقال له إنك قد بلغت بخمس كلمات فإما أن تبلغهم أو أبلغهن أنا ، فقال له سيدنا يحيى أخاف ألا أبلغهم فأعذب .

ثم جمع سيدنا يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلاء المسجد وقعد فحمد الله وأثنى عليه وقال لهم إن الله أمرني وأمركم أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئًا ، وأمركم بالصلاة فإن الله ينصب وجهه قبل عبده ما لم يلتفت فغذا صليتم لا تلتفتوا ، وآمركم بالصيام وآمركم بالصدقة ، وآمركم بذكر الله كثيرًا .

سبب قتل سيدنا يحيى عليه السلام :
كان في زمن سيدنا يحيى ملك يريد أن يتزوج من إحدى محارمه يقال أنها ابنة أخيه ، وكان ذلك محرم فقام إليه سيدنا يحيى ونهاه ، وفي رواية آخرى أن تلك المرأة أحبت سيدنا يحيى حيث أنه كان خير أهل زمانه ، ولكنه امتنع عنها .

فأوعزت تلك المرأة إلى الملك بقتل سيدنا يحيى فأرسل رجاله فقتلوه وهو يصلى وأرسلوا رأسه إلى الملك فحمله في صينية وأرسله إلى تلك المرأة البغي ، وذهبت تتمشى في بني إسرائيل ويقال أن الله خسف بها الأرض ووقع بنو إسرائيل في الذل والفناء حتى قدم الملك بختنصر فقتل منهم خمسة وسبعين ألفًا ، وقيل أن دم سيدنا يحيى عليه السلام ظل يفور حتى وقف عليه نبي يدعى أرميا فقال له أيها الدم أفنيت بني إسرائيل فاسكن بإذن الله ، فسكن فرفع السيف .

By Lars