ورد بالقرآن الكريم آيات تختص بأصحاب الرس ؛ قال تعالى في سورة الفرقان : {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا } وقال تعالى في سورة ق : {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ } من التفسيرات الشائعة أن أصحاب الرس هم جماعة من البشر كانوا يعبدون شجرة صنوبر تُدعى شاهدرخت ؛ التي قد زرعها يافث بن نوح.

أُطلق عليهم لقب أصحاب الرس ؛ لأنهم رسوا نبيهم في الأرض ؛ كانوا يمتلكون اثنتا عشر قرية من بلاد المشرق موجودة على ضفاف نهر سُمي بنهر الرس نسبةً إلى اسمهم .

في ذلك الزمان لم يكن يوجد نهر أغزر من نهر الرس ولا أعذب منه ؛ كما تميزت قرى أصحاب الرس بأنها الأطول عمرًا ؛ ومن أعظم مدنهم مدينة اسفندار ؛ التي كانت بها العين المائية الخاصة بشجرة الصنوبر ؛ وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من الصنوبر ؛ وأجروا نهراً لتلك العيون مأخوذة من العين الموجودة عند الصنوبرة الرئيسية ، ثم قاموا بتحريم الشرب من تلك الأعين سواء الأشخاص أو الحيوانات ، وأقاموا حكم القتل على من يفعل ذلك .

كانوا يعتقدون أن تلك الأعين التي تُروي شجر الصنوبر هي حياة آلهتهم ؛ لذلك لا يجب الشرب من مصدر حياة الآلهة التي يعتقدون بها ؛ كما كانوا يقدموا لذلك الشجر القرابين كل شهر لكل قرية بالتوالي على مدار العام ؛ فكانوا يذبحون الذبائح ويشعلون فيها النيران ؛ فإذا بلغ دخانها عنان السماء واختفت الشجرة من أثر الدخان ؛ سجدوا وهم يبكون ويتضرعون إلى الشجرة كي ترضى عنهم .

كان يأتي الشيطان أثناء توسلهم ويحرك أغصان الشجرة ؛ ثم يصيح أني قد رضيت عنكم ؛ حينها يرقصون ويهللون شاربين الخمر وضاربين بالمعازف ، ويستمرون هكذا طوال يومهم وليلتهم .

كانوا يقيمون عيدهم الأكبر بالقرية العظمى التي يوجد بها شجرة الصنوبر الرئيسية ، والعين المتفرع منها باقي الأعين ؛ فكان يحضر كل صغير وكبير من كل القرى ؛ وكانوا يجعلون عند الشجرة سرادقًا من ديباج له اثنتا عشرة بابًا لكل قرية باب ؛ فيسجدون لشجرة الصنوبر من خارج السرادق ؛ وكانوا يُقربون لها الذبائح بكميات مضاعفة عن تلك التي قدموها في قراهم .

كان الشيطان يأتي وقت الاحتفال وتقديم القرابين ليهز الشجرة ؛ ويعدهم بالكثير من الأمنيات أكثر مما وعدهم أي شيطان ذهب في كل قرية ؛ فيسجدون فرحًا ؛ ويغرقون فيما بعد في شرب الخمور والعزف ، ويستمرون على ذلك اثنا عشر يومًا بعدد قراهم واحتفالاتهم الأخرى .

حينما طال كفرهم بالله عزوجل ؛ بعث إليهم نبيًا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب ؛ ليدعوهم لعبادة الله والبُعد عن الكفر ؛ ولبث فيهم سنين عديدة ؛ غير أنهم لم يستجيبوا له ؛ فلما رأى كفرهم لا يتزعزع وموقفهم ثابت ؛ قام بالدعاء عليهم بعد أن حضر أحد أعيادهم ورأى ما يحدث بها من كفر وفجور ؛ فيبست أشجارهم بعد دعاء النبي عليهم ؛ وانقسموا حينها إلى فريقين ؛ فريق يقول أن النبي سحر آلهتهم وفريق آخر يقول أن الآلهة أعلنت غضبها حينما رأت هذا الرجل الذي يقول أنه نبي ؛ فاتفقوا جميعا على قتله .

بعد أن قتلوا نبي الله ؛ أرسل الله عليهم ريحًا عاصفة وقت عيدهم ؛ كما سارت الأرض من تحت أقدامهم متوجهة بحجر كبريت ؛ وأظلتهم سحابة سوداء ؛ ثم سقط عليهم جمرًا ملتهب لتذوب أجسادهم ؛ وأهلكهم الله حتى لم يبقى لهم أثر .

By Lars