قال تعالى : {وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا } ، الحق سبحانه وتعالى يبين لنا في آخر هذه الآية ، السبب الذي جمعهم في ذلك ، أنها أسباب متعددة يجمعها كلمة ، شيطان .
وسوسة الشيطان :
فكل من يمنع إنسانًا من فعل الخير فهو شيطان ، أو من فعل الشيطان ، ابتداء من شهوات النفس ، أو غفلة العقل عن المنهج ، أو قرين سوء يزين للإنسان الفحشاء أو شيطان يوسوس ، كل ذلك نسميه شيطان ، أو من فعل الشيطان ، لأنه يبعد الإنسان عن المنهج وهناك شياطين الجن وشياطين الإنس ، والنفس حين تحدث صاحبها بألا يلتزم بمنهج الله تعالى فهي تغريه بالشهوات ، التي سيفقدها عند تقيده بمنهج الله تعالى ، ونقول لصاحب هذه النفس : إنها شهوة عاجلة أضاعت منك متع لا حدود لها آجلة .
القرين الشيطان :
إذن السبب الذي جعل هؤلاء يبخلون ويأمرون الناس بالبخل هو الشيطان ، لذلك يقول سبحانه وتعالى : {وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا } ، وساعة يكون الشيطان قرينا فهو مقترن بالإنسان ، ولذلك يسمون القرن بكسر القاف : هو العدو الذي ينازله الانسان ويسمون القرن بفتح القاف : هو الزمن الذي يقرن جيلًا بجيل ، وعندما يكون الشيطان قرينًا فهو إذا مقترن بالإنسان ، ملازم له .
بئس القرين :
فبئس هذا القرين ، لماذا ، لأن القرين الذي لا يحض الانسان على الخير بل يحضه على الانفلات من منهج الله واتباع الشهوات الغيّ ، هو قرين سوء ، ولذلك كل الذين اجتمعوا في الدنيا على معصية الله تعالى ستجدهم في الآخرة أعداء ألداء .
عداوة الأخلاء :
واقرأ قوله الحق تبارك وتعالى : الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ، ويبين هنا الحق تبارك وتعالى أن المتخاذلون على المعاصي وعدم طاعة الله في الدنيا ، يأتون يوم القيامة وبعضهم لبعض عدو ، ويتبرؤون بعضهم من بعض ، ما عدا الذين تخالوا في الدنيا على تقوى الله وطاعته ، فكل المجتمعون على معصية الله في الدنيا متعادون ، ما عدا المجتمعون والمتخاذلون على الطاعة ، فهي خلة المتقين .
عن علي رضي الله عنه وأرضاه :
وقد قال علي رضي الله عنه : خليلان مؤمنان ، وخليلان كافران ، فمات أحد المؤمنين .. فقال : يا رب إن فلاناً كان يأمرنني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرنني بالخير ، وينهاني عن الشر ، ويخبرني أني ملاقيك يا رب فلا تضله بعدي ، واهده كما هديتني ، وأكرمه كما أكرمتني ، فإذا مات خليله المؤمن جمع بينهما .
فيقول : ليثني أحدكما على صاحبه فيقول : نعم الخليل ، ونعم الأخ ، ونعم الصاحب ، ثم قال : ويموت أحد الكافرين ، فيقول : يا رب إن فلاناً كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرنني بالشر ، وينهاني عن الخير ، ويخبرني أني غير ملاقيك ، فيقول : بئس الأخ ، وبئس الخليل ، وبئس الصاحب .