ذو البجادين اسم لصحابي من صحابة رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، ما قصة هذا الصحابي الجليل ولماذا سمى بذي البجادين ؟ هو عبدالله بن عبد نهم المزني ولقب بذي البجادين لقصة حدثت معه ، وتبدأ القصة في سن صغيرة حينما توفى والده .

وكفله عمه الذي كان بالغ الثراء عظيم الجاه وبفضله عاش عبدالله فى رغد العيش ، ورفاهية لا يعيشها الكثير من أقرانه ، فكان لا يلبس إلا أفخر الثياب ولا يركب إلا أسرع الدواب ، وعندما بلغ عبدالله السادسة عشرة من عمره ، تزامن ذلك مع هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة .

فكانوا يمرون علي بلدته التي يعيش بها ، فشاء القدر أن يلتقي بهم عبدالله ، وكان في هذا الوقت يدعى عبد العزى المزني ، فعرضوا عليه الإسلام فرق قلبه وشهد أن لا اله إلا الله وأن سيدنا محمدًا رسول الله .

وبدأ يتعلم من الصحابة الذين يمرون على بلدته القرآن ، فكان يتبعهم سيرًا على قدميه ليسمع منهم القرآن وحينما يبتعد مسافة عشرة كيلو مترات أو أكثر عن بلدته كان يعود ، وحينما يمر الصحابة ثانية يتبعهم ليتلو عليهم ما حفظ ، ويحفظ جزء جديد ، وهكذا تعلم هذا الصحابي الجليل القرآن سيرًا على قدميه ، وهو المدلل المرفه الذي كان يركب أفضل الجياد ! .

وقد أخفى إسلامه فترة حتى لا يأذيه قومه ، ورفض الهجرة قبل أن يعرض الإسلام على عمه ، لأنه لم ينسى فضله عليه وأراد أن يأخذ بيده لله ورسوله ، ولكن عمه غضب منه غضبًا شديدًا ورفض أن يسلم ، فحاول معه عبد الله  مرارًا وتكرارًا ، وأصر عليه كثيرًا بأن يسلم لكن عمه أعماه الغضب وجرده من كل الأموال والمتاع التي أعطاها إياه .

حتى أنه مزق ما كان يلبسه عبدالله من ملابس ، حتى لا يهاجر إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فصار شبه عاري ، وذهب بعدها إلى أمه ولما رأته على هذا الحال ، قطعت بجادًا لها إلى قطعتين وهو كساء غليظ جاف ، وأعطته إياه ليستر به نفسه ، فائتزر بواحدة وارتدى واحدة .

وبعدها هرب عبد الله من عمه إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، ووصل إلى المسجد في السحر ونام بالمسجد ، وكان رسول الله صلّ الله عليه وسلم يتفقد الناس وحينما مر بالمسجد رأى عبد الله ، وهو يلبس البجادين فسأله صلّ الله عليه وسلم قائلًا : من أنت ؟

فقال الصحابي أنا عبد العزى وحكى الصحابي الجليل حكايته لرسول الله صلّ الله عليه وسلم ، فقال له الرسول الكريم : بل اسمك من الآن عبد الله ولقبه بذو البجادين نسبة لما كان يرتديه ، وقال له رسول الله : الزم بابي فلزم باب رسول الله صّل الله عليه وسلم ، وكان إيمانه حقًا فدائمًا ما كان يرفع صوته بالقرآن والتسبيح .

أما عن قصة استشهاده فهي لا تقل غرابة عن ما مر به فى حياته ، ففي غزوة تبوك وأثناء خروج النبي صلّ الله عليه وسلم معه ، قال ذو البجادين يا رسول الله ادع لي بالشهادة ، فقال النبي صلّ الله عليه وسلم : اللهم حرم دمه على الكفار ، فقال ذو البجادين : يا رسول الله ليس هذا ما أردت !

إني أريد الشهادة فقال النبي صلّ الله عليه وسلم : ليست كل الشهادة بالموت في المعارك ، فإذا أصبت بالحمى ستكون شهيد أيضًا ، ويشاء العلي القدير بعد أن أقاموا في تبوك أياما ، أن يصاب ذو البجادين بالحمى فعلًا كما قال رسول الله ، وتوفي الصحابي الجليل وهو في ريعان الشباب .

فحفر له الصحابة قبرًا ونزل به رسول الله صلّ الله عليه وسلم ليلحده ، وبعدها أنزله أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، فقال لهما النبي صلّ الله عليه وسلم : قربا لي أخوكما برفق ، وتناوله النبي منهما بكفه الشريفة ، وأسكنه في لحده .

ثم قال رسول الله : اللهم إني أمسيت راض عنه فاللهم ارض عنه ، حينها قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : يا ليتني كنت مكانه ، وقد أسلمت قبله بخمسة عشر عامًا لكني لم أنل دعاءًا كهذا .

وهكذا كان دعاء النبي صلّ الله عليه وسلم لهذا الصحابي الجليل الذي أسلم في عمر السادسة عشر وتوفي في سن الثالثة والعشرين ، والعجيب أن قصة إيمانه تتلخص فقط في سبع سنوات ، نال بها شرف رتبة رضا الله ورسوله الكريم .

By Lars