واحد من الصحابة والذين عُرف عنهم أنه من المطعمين في قريش هو صفوان بن أميه ، قيل عنه أنه لم يجتمع لقوم أن يكون منهم مطعمون خمسة إلا لعمرو بن عبدالله بن صفوان بن أمية بن خلف ، وأصبح يلقبونه بلقب سداد البطحاء ، وعُرف عنه فصاحة اللسان وحسن القول .
نسبه :
هو صفوان بن أمية بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، ولد بمكة المكرمة ، فكان ابيه من كبراء سادة قريش ، وقُتل كافرًا بغزوة بدر واسلم صفوان بعد فتح مكة .
بعد غزوة بدر كان صفوان بن أمية جالسًا بحجر الكعبة مع عمير بن وهب ، وكان عمير بن وهب يتحدث عن النبي صّل الله عليه وسلم في غضب شديد ويريد قتله ولكنه لا يملك ذلك ، فساعده صفوان وذهب بالفعل للمدينة لقتل الرسول صّل الله عليه وسلم ، ولكن الله شاء أن يدخل عمير بن وهب في الإسلام وخيب ظن صفوان بن أمية .
فكان صفوان شديد الكره للرسول صّل الله عليه وسلم وللصحابة أجمع ، ويقال أنه عند فتح مكة أعلنت زوجته ناجية بنت الوليد بن المغيرة إسلامها في ذلك الوقت ، أما هو فقد ظل على كفره وعلى كرهه وعدائه للإسلام ولنبيه محمد صّل الله عليه وسلم حتى منّ الله عليه فأسلم وأحسن إسلامه .
وعند فتح مكة ، أراد صفوان أن يهرب في شعبة من شعاب مكة ، وعندما علم بذلك صديقه عمير بن وهب الذي حافظ على علاقته بصفوان حتى بعد إسلامه ، ذهب عمير إلى الرسول ليخبره بذلك فقال للنبي صّل الله عليه وسلم : يا رسول الله ، إن صفوان بن أمية سيد قومه ، خرج هاربًا ليقذف نفسه في البحر خوفًا منك فأمنه فداك أبي وأمي ، فقال الرسول : قد أمنته .
وذهب على الفور إلى صفوان في مكانه ولما رآه صفوان قال له : يا عمير ما كفاك ما صنعت بي ، قضيت عنك دينك ، وراعيت عيالك على أن تقتل محمدًا فما فعلت ، ثم تريد قتلي الآن ؟ ، فقال له عمير : يا أبا وهب ، جعلت فداك ، جئتك من عند أبر الناس ، وأوصل الناس ، قد أمنك رسول الله .
فقال صفوان : لا أرجع معك حتى تأتيني بعلامة أعرفها ، وعاد عمير إلى رسول الله صّل الله عليه وسلم وقال له ما قاله صفوان ، فأعطاه الرسول عمامته وقال له خذها وأعطها له وذهب عمير إلى صفوان وقال له : إن رسول الله يدعوك أن تدخل في الإسلام ، فإن لم ترض ، تركك شهرين أنت فيهما آمن على نفسك لا يتعرض لك أحد.
وعندها ذهبا الرجلان في اتجاه المسجد وقتها كان الرسول صّل الله عليه وسلم يصلي بالمسلمين صلاة العصر ، انتظرهم صفوان وهو على جواده حتى أفرغ الرسول من الصلاة فحدثه صفوان قائلًا : يا محمد ، إن عمير بن وهب جاءني ببردك ، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك فإن رضيت أمرًا ، وإلا سيرتني شهرين ، فقال الرسول : انزل أبا وهب ، فقال له صفوان : لا والله حتى تبين لي ، فقال له الرسول : انزل ، بل لك تسير أربعة أشهر ، فنزل صفوان بأمان .
إسلامه :
كان معروفًا عن صفوان بن أمية بأن لديه أسلحة ، فأراد الرسول صّل الله عليه وسلم أن يعيره هذه الأسلحة يوم حنين ، فقال له صفوان وقتها : طوعًا أم كرهًا يا محمد ، فقال له النبي صلّ الله عليه وسلم : بل طوعًا ، عارية مضمونة أردها إليك .
فأعطاه صفوان حوالى مائة سيف ودرع ، وبعد الانتصار ومع الغنائم ، أخذ صفوان ينظر إلى الغنائم وكأنها أعجبته ، فقال له النبي : يعجبك هذا ؟ ، فقال له صفوان : نعم ، فقال : هو لك ، فقال صفوان : ما طابت نفس أحد بمثل هذا ، إلا نفس نبي ! أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا عبده ورسوله .
وقد أحسن صفوان بن أميه من إسلامه وشارك في الغزوات وذلك في عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم وتوفاه الله في سنة 42 هجريًا بمكة المكرمة ، في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه .