هي قصة من القصص العظيمة التي وقعت مع صحابة رسول الله رضوان الله عليه ، فقد كان الله سبحانه وتعالى يرسل آيات بينات واختبارات لعباده المخلصين ؛ لكي يتعلموا ويتدبروا ويزداد إيمانهم بالله عزوجل .
فذات ليلة ذهب رجل إلى بيت مال المسلمين ، سرق منه تمرًا ، وكان أبو هريرة حارسًا عليه فرآه ، ولما أمسك به ليسلمه إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، استعطفه الرجل وشكا إليه الفقر الشديد وضيق الحال وكثرة العيال ، فرق قلب أبو هريرة لذلك وتركه.
وفي الصباح سأله النبي صلّ الله عليه وسلم عن لص بيت المسلمين ، فقال له : يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ فأخبره أبو هريرة بما حدث ، وأنه أطلق صراحه لحاجته وفقره ، فقال النبي صلّ الله عليه وسلم : أما إنه قد كذبك وسيعود.
وفي الليلة التالية تسلل الرجل ثانية إلى بيت المال ، وكان أبو هريرة ينتظره ، فأمسك به للمرة الثانية ، ولكن كعادة الرجل أخذ يتعلل بالحال وطلب الرحمة من أبي هريرة فرحمه وتركه ، وفي الصباح سأله النبي عن أسيره ، وماذا فعل معه ، فحكى أبو هريرة للنبي ما حدث ، فقال له مثلما قال في المرة السابقة ، وأخبره أن اللص سيعود.
وفي الليلة الثالثة أصر أبو هريرة على عدم إفلات اللص وأخذه لرسول الله صل الله عليه وسلم ، فقال له اللص : لو تركتني علمتك كلمات ينفعك الله بها ، فسأله عنها أبو هريرة فقال له : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ أية الكرسي ، فإنك لا يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح.
وفي الصباح ذهب أبو هريرة إلى النبي صل الله عليه وسلم وحكى له ما حدث ، فقال له النبي صل الله عليه وسلم : أما إنه قد صدقك وهو كذوب ، تعلم من تخاطب من ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ فقال رضي الله عنه لا يا رسول الله ، فقال صلوات الله وسلامه عليه : ذاك شيطان .