حياتها مثل من أمثلة التضحية والجهاد في سبيل الله عزَّوجل فيقول ابن سعد في طبقاته : هي أول من هاجر إلى المدينة ، بعد هجرة النبي صلّ الله عليه وسلم وأصحابه ، ولا نعلم قرشية خرجت من بيت أبويها ، مسلمة مهاجرة إلى الله ورسوله صلّ الله عليه وسلم إلا أم كلثوم .
نسبها :
هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، أموية قرشية ، بنت عقبة بن أبي معيط ، وهي كانت زوجة زيد بن حارثة رضي الله عنه ، ثم تزوجها عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ثم الزبير بن العوام رضي الله عنه ثم عمرو بن العاص رضي الله عنه ، وتوفيت بعد زواجها به، ولدت لعبد الرحمن بن عوف إبراهيم وحميد ، وكانت أخت عثمان بن عفان رضي الله عنه من أمه .
هجرتها :
دخل الإيمان قلبها ؛ فخرجت من مكة وحدها مهاجرة إلى الله تعالى ورسوله صلّ الله عليه وسلم ، وخرج وراءها أخويها لكي يعيداها معهما ، وكان النبي صلّ الله عليه وسلم قد صالح قريشًا في يوم الحديبية ، على أن يرد عليهم من جاءهم من المسلمين .
فلما هاجر إليه النساء أبى الله تعالى أن يردهن إلى المشركين ، ونزلت الآيات لإمتحانهن بالحلف هل هن مسلمات حقيقة أم لا ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} سورة الممتحنة الآية 10 .
كانت أم كلثوم بنت بن أبي المعيط ممن خرج إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وهي عاتق الشابة أول ما تدرك ، فجاء أهلها يسألون رسول الله أن يرجعها إليهم حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل رواه البخاري عن المسور بن مخرمة .
وقد نجحت أم كلثوم في الامتحان ، ونجت بدينها من قومها ، قيل الامتحان أن تقول بالحلف : ما خرجت إلا حبًا لله ورسوله ، ما خرجت لالتماس دنيا ، ومن بغض زوج ، وقيل أن تشهد بالكلمة الطيبة ، وقد شهدت على ملأ أنه لا إاله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله !
منزلتها بين المسلمين :
لقد كان لها منزلتها بين المسلمين ، ويتبين ذلك مما جاء في الإصابة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لأم كلثوم بنت عقبة امرأة عبد الرحمن بن عوف : أقال لك رسول الله صلّ الله عليه وسلم انكحي سيد المسلمين عبد الرحمن بن عوف فقالت : نعم .
وروت عن النبي صلّ الله عليه وسلم ، عشرة أحاديث أخرج لها منها في الصحيحين والسنن الثلاثة حديث واحد متفق عليه .
وأعقبتها أمها …
لقد آمنت أم كلثوم دون رجال بيتها ، وفارقت خدرها ومستقر أمنها ودَعَتها تحت جنح الليل ، فريدة شريدة تطوي بها قدماها ثنايا الجبال وأغوار التهائم بين مكة والمدينة إلى مفرغ دينها ، ودار هجرتها ، إلى رسول الله ثم أعقبتها بعد ذلك أمها فاتخذت سنتها ، وهاجرت هجرتها ، وتركت شباب أهل بيتها وكهولهم وهم في ضلالهم يعمهون .
أم كلثوم قدوة للفتيات المسلمات
وسوف تظل كلمات أم كلثوم إلى الرسول نورًا يضئ الطريق لكل فتاة تؤمن بربها :
أتردني يا رسول الله إلى الكفار يفتنوني عن ديني ، ولا صبر لي وحال النساء في الضعف ما قد علمت ؟ ، إن هناك معاهدة تنص على رد كل من أسلم من مكة ، وهاجر إلى المدينة من الرجال والنساء .
فيقول النبي : والله ما أخرجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام ! ما خرجتن لزوج أو مال ، فإذا قلن ذلك لم يرجعن إلى الكفار .