تعد سورة البقرة أطول سور القرآن الكريم ، بها الكثير من القصص والروايات ، والتي لا يعرفها الكثيرين ، وسورة البقرة هي أوائل السور التي تنزلت على الرسول محمد صلّ الله عليه وسلم في المدينة إلا آية واحده {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} ، نزلت هذه الآية يوم حجة الوداع هي آية مكية أي نزلت بعد الهجرة الشريفة .
فضل سورة البقرة :
لسورة البقرة فضل عظيم لقارئها ، ويوجد فيها العديد من الأحكام والتشريعات الخاصة بالصيام والصوم ، وهناك العديد من الآيات التي تتناول طريقة العبادات والمعاملات والدين ، كذالك طريقة إقامة الصلاة والحديث عن الزكاة .
أيضا تناولت سورة البقرة الحديث عن الجهاد ، والحدود ، ووضحت سورة البقرة صفات المنافق و الكافر ، وتناولت ذكر المواريث ، وقد ذكر في السنة النبوية الكثير حول فضل سورة البقرة .
أخرج الإمام مسلم بسنده في صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم ” لا تجعلوا بيوتكم مقابر ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ” .
أسباب نزول سورة البقرة :
نزلت آيات سورة البقرة متفرقة ، ولكل آية منها سببًا للنزول على النبي صلّ الله عليه وسلم ، فبعد تغير القبلة ، قال اليهود أن سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم يغير أوامر الله تعالى ، ويقولها لأتباعه ، فنزلت الآية الكريمة {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} الآية 107.
تصف الآية حال اليهود بعد غزوة أحد ، من شماتة لهزيمة المسلمين فقال تعالى : {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } الآية 109 .
و حين منع الكفار المسلمين من دخول المسجد الحرام نزلت الآية { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا } الآية 114 ، وحين طلب الكفار من النبي صلّ الله عليه وسلم أن يصف الله نزلت الآية { إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } الآية رقم 163 ، أيضا نزلت سورة البقرة لتوضيح الأشهر الحرم .
و كذالك لتضع دليلًا حول طريقة التعامل بين الرجل وزوجته ، وشروط وقواعد المعاشرة بالمعروف ، وأيضا كل ما يخص الطلاق ، والحديث عن الصدقات والزكاة ، ووضع ميثاق خاص بالمواريث وطريقة تقسيمها .
قصة بقرة بني إسرائيل :
يقال أن قصة البقرة ، كانت تحكى عن قتيل من بني إسرائيل ، وكان رجلًا كثير الثراء ولم ينجب ذكور إلا وريث واحد ، فقرر هذا الوريث أن يقتله ليرث فيه ، وبعدها ألقى بالجثة في مفترق الطرق ، ثم ذهب القاتل لسيدنا موسى عليه السلام ، يدعي أن ريبه قد قتل وهو يريد أن يعرف القاتل ليقتص منه .
فدعا سيدنا موسى عليه السلام الناس ، وطلب منهم أن يقولوا أي معلومات لديهم حول القاتل ، فلم يتحدث أحد ، فقال القاتل أنت نبي ، أسأل ربك أن يبين لنا .
وبالفعل سأل سيدنا موسى عليه السلام ، الله تعالى أن يوحي له بالقاتل ، فقال للقوم أذبحوا بقرة ، فاعتقدوا أنه يسخر منهم ولكنه أكد أن الله تعالى أمرهم بهذا .
فبدؤوا بالأسئلة الكثيرة ليهربوا من الطلب ، فسألوه أولًا كيف يختاروا البقرة ، فأجابهم أنها متوسطة العمر ليست كبيرة ولا صغيرة ، ثم سألوا عن اللون ، فقال سيدنا موسى عليه السلام ، أنها بقرة صفراء لونها فاقع تعجب من ينظر لها .
ثم تمادوا في الكثير من الأسئلة وكلما سألوا كلما صعب الله تعالى عليهم الطلب ، فقال لهم سيدنا موسى عليه السلام ، أنها تثير الأرض ولا مهينه في العمل ، ويقال أنهم اشتروا البقرة بما يعادل وزنها ذهبًا ، وكانت بقرة وحيدة بالسوق .
وفي رواية أخرى يقال أنهم وجدوا البقرة المطلوبة ، بكل مواصفاتها لدى سيدة عجوز وتربي أيتام وهي المسئولة عن إطعام الأطفال ، وبالتالي اشترطت العجوز أن يدفعوا أضعاف ثمنها حتى تبيعها لهم .
فقال لهم سيدنا موسى أنه لابد من هذه البقرة حتى تتضح الحقيقة ، وبالتالي اضطروا لشرائها بأضعاف ثمنها ، وذبحت البقرة الصفراء وأمرهم الله تعالى أن يضربوا القتيل بعظمة منها فرجعت إليه روحه ، فأقر باسم القاتل ثم مات ..
قال تعالى في آيات ذكر البقرة بسورة البقرة {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) ، قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرُونَ (68) ، قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ(69) ، قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) ، قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ (71) ، وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72)، فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(73 ) }
العبرة من قصة البقرة :
- الكذب طريق قصير يومًا ما سينكشف .
- الأعمال السيئة التي تقوم بها في حق الآخرين لابد وأن ترتد عليك يومًا ما .
- الأعمال الجيدة التي تقوم بها و كل خير تفعله سيضاعفه الله تعالى لك .
- الله قادر على كل شيء ، ولا يمكن أن تكذب أبدًا على الله تعالى .
- الأنبياء يتنزل لهم الوحي من عند الله فلا يخطئون أو يسخرون من الآخرين .
- كثرة الأسئلة بدون فائدة قد تضر بمصلحتك وتصعب عليك الأمور أكثر مما تتخيل .
- الحق طريقًا واحد حتى و إن كان طويلًا ، يوما ما سيظهر ويعرفه الجميع يهزم الباطل.