تعمر السينما العالمية ، بمجموعة من الأفلام الخالدة ، مثل فيلم المواطن كين ، صاحب لقب أعظم فيلم في تاريخ السينما بالرغم أنه لم يحقق شعبية جماهيرية ، ولم يفز بجوائز سينمائية كثيرة .
ولكن تكمن أهميته في كونه فيلمًا رائدًا في الابتكار الفني ، خاصة في التصوير والمونتاج والصوت وأثر على الأفلام التي جاءت بعده ، فله الفضل في اكتشاف اسلوب إخراج المشهد بطريقة عمق المجال ، وهو الاكتشاف الذي يعادل اكتشاف المنظور في الرسم في بدايات عصر النهضة ، وهذا ما جعله يكتسب مكانة سينمائية فريدة .
فيلم المواطن كين ” Citizen ” :
إخراج : أورسون ويلز .
بطولة : أورسون ويلز ، جوزيف كوتين ، دوروثي كومنجور ، أجنيس مورهيد ، إيفريت سلون ، راي كولنز .
سيناريو : هيرمان مانكيويكز ، أورسون ويلز .
إنتاج عام : 1941 م
مدة الفيلم : 119 دقيقة .
يحتل فيلم المواطن كين المرتبة الأولى في قائمة معهد الأفلام الأمريكية لأفضل 100 فيلم أمريكي ، وأيضًا تصدر الفيلم قائمة أفضل عشرة أفلام في تاريخ السينما العالمية ، خلال الخمسين عام الأخيرة ، حيث قدم أورسون ويلز رائعته السينمائية المواطن كين ، وهو في الخامسة والعشرين من العمر ، وكان الفيلم باكورة أفلامه السينمائية .
واستفاد المخرج من العناصر الأساسية المستخدمة في صناعة الأفلام ، في عقد الثلاثينيات وطورها واستخدمها بطرق مبتكرة ، وكان ذلك بالتعاون مع مصور الفيلم جريج تولاند ومدير الإنتاج روبرت وايز ، حيث أحدث ذلك ثورة في التصوير والمونتاج السينمائي ، وكان بداية عهد جديد في صناعة السينما .
كما أن الفيلم من أكثر الأفلام الأمريكية ، إثارة للجدل فقد تم تصويره بسرية كاملة ، ويرجع ذلك إلى القضية التي ناقشها ، حيث أنها يظهر الفيلم تشابه كبير بين بطل الفيلم ” شخصية تشارلز فوستر كين ” وبين شخصية الناشر الصحفي المعروف واليام راندولف في حياته سواء العامة أو الشخصية ولم يسبق لأي فيلم أمريكي في تلك الحقبة ، أن يظهر شخصية أمريكة بتلك الجرأة .
قصة الفيلم :
يروي الفيلم قصة صحفي يقوم بإجراء تحقيق صحفي عن حياة تشارلز كين ، الناشر الصحفي السابق لصحيفة نيويورك إنكوايرر وعدد صحف ، وكان مرشحًا لمنصب نائب حاكم ولاية نيويورك ، وكان من الشخصيات الأكثر نفوذًا وقوة .
فقد ملك الولايات المتحدة الأمريكية ، وتزوج ابنه أخت الرئيس الأمريكي لكي يوسع من إمبراطوريته ، ووسع تلك الإمبراطورية الإعلامية في جميع البلدان ، وبدأ الإفصاح عن طموحه السياسي.
ويبدأ التحقيق الصحفي بعد وفاة الناشر عن طريق سلسلة من المقابلات مع أقرب الناس إليه ، ممن عرفوه وعاشوا معه ، سواء زوجته وصديقة ، ومدير أعماله وغيرهم ، ويقومون بسرد حكايات مثيرة عن جوانب شخصيته ، والتي تبرز جانبًا من خصائصه السلبية ، واعتمد المخرج في أسلوب الرجوع إلى الماضي ، واستخدم أسلوب الإخراج القائم على عمق المجال وبناء اللقطة كمشهد ، وتكون الصورة مهمة في المقدمة مع حركة الممثلين مما يوحي بالعمق .
في بداية لقطات الفيلم يظهر السياج ومكتوب عليه عبارة ممنوع التجاوز ، ثم اللقطة التالية قصر معتم وكئيب ، يظهر المشهد عمق الشخصية فرجل عاش حياة عامة مشرقة ، وحياة داخلية كئيبة وجاهد لكي تبقى هذه الحياة بالخفاء ، ثم مشهد كين وهو على فراش الموت مع زوال إمبراطورته الإعلامية أمام عينه ، وزوال سلطته ويقول ” مهما بلغ ثراؤنا ونفوذنا فنحن نموت وحيدين ”
وتبدأ التحقيقات طوال الفيلم ، فيقابل الصحفي كل من تعامل مع كين معتمدًا على أسلوب الارتجاع الفنى ، فيعرف الكثير عن كين في مراحل الطفولة ، وحياته العاطفية ولقائه بزوجته ، ثم مقابلات مع الخادم ، فتتكون الصورة الكاملة عن كين ، وقصة صعوده الصحفي وشرائه لجريدة انكوايرر ، وخيانته لزوجته ، حتى كون الفيلم ببراعة شخصية الرجل المتسلطة والتي تحاول السيطرة حتى تنتهي حياته بعزلة كاملة ، وفي الأخير يعلن الصحفي فشله ويرحل .
الجوائز التي حصل عليها :
رشح الفيلم لتسع من جوائز الأوسكار ولكنه لم يفوز إلا بجائزة واحدة ، هي جائزة أفضل سيناريو ، وتقاسمها أورسون مع هيرمان مانكيويكز .
الحملات التي تعرض لها الفيلم :
لقى الفيلم حملات معادية منظمة في حفل توزيع جوائز الأوسكار ، عام 1943م ، واختلف نقاد السينما في رأيهم ، حول تقييم العمل فأخذ الفنانون من أعضاء الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم السينما ، يصوتون للمرشحين ، فحصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم من أهم رابطتين لنقاد السينما الأمريكية وهما : المجلس القومي الأمريكي لاستعراض الأفلام السينمائية ، ورابطة نقاد السينما في نيويورك .
ولم يكتسب الفيلم مكانته الفنية المتفردة إلا بعد سنوات عديدة من إنتاجه ، ولكنه يظل معلمًا سينمائيًا متميزًا ، بالرغم من الحملات التي قام بها الناشر الصحفي وليام راندولف لمنع نشر الفيلم ، ومنع إعلاناته وعروضه وذهب إلى اتهام بطله أنه ينتمي للفكر الشيوعي .
بالتأكيد لا يتعلق الفيلم بشخصية معينة ، ولكن بطل القصة عبارة عن شخصية مركبة من عدة شخصيات ، ومن الناحية الفنية فقد أخرج الفيلم هوليوود من تقاليدها المرعبة ، حين تم منح الفرصة لشاب عمره 25 عام ليقود العمل الفني ويتحكم به .