المكان : أخيم ، الزمان : الساعة الواحدة بعد منتصف ليلية أحد أيام يناير ، الفقر والبرد صديقان لعم أحمد الخفير المسئول عن حراسة المكان ، لكنه يتنصل منها بكوب من الشاي الأسود على الفحم ، وكوب آخر يليه كوب حتى يتسلى بتمضية الليل دون قلق .

حياة الخفير أحمد حارس المقبرة :
كان عم أحمد رجل في الخمسين من عمره ، تنقل كثيرًا طوال حياته في العديد من المهن المرهقة ، والتي لا يحصل منها سوى على الأجر القليل مثل حارس بناية ، عامل تراحيل ، عامل بناء وغيرها من تلك المهن التي لا تكاد تغطي قوت اليوم ، وهنا في هذا المكان الموحش كانت مهنته الأخيرة والتي اضطر إليها بسبب كبر سنه ، وعدم قدرته على القيام بالمهن الصعبة ، التي تتطلب مجهود .

الغرباء :
كان يعمل حارسًا لمقبرة يقال أنها من العصر الفرعوني ، مجموعة من علية القوم ، تأتي يوميا لكنه لم يستطيع تحديد هويتهم ، فهل هم من رجال السلطة ، أم من رجال الأعمال ، أم المال أم كلاهما ، ولم يهتم لكنه كان مطلوب منه حراسة المقبرة ، بعد انتهاء العمل منها ليلاً .

الليل والجبل والغرباء والكنز :
الجبل ليلاً قرب أخيم يكون موحشًا غامضًا يوحي له بأفكار كثيرة ، هناك الكثير من القصص ، والحقائق حول أناس تغيرت حياتهم بعد وجود الكنز ، نعم كان يحلم بالكنز ، مثل الكثيرين ، وكان أحيانا يخجل من نفسه ، ولكن ها هم علية القوم يفعلون مثله ، ويحملون الكنوز … كنوز الفراعين ، الذهب حيث لم تهمه الحجارة كثيرًا ما كان يمضي وقته ليلا في الحلم بالذهب ، فماذا لو وجد هو الذهب وكيف ستتغير حياته !.

الرياح الباردة والحلم :
نسمات باردة هبت في ظهره ، نسمات غير عادية شديدة البرودة ، وكأنها تخرج من ثلج موجه مباشرة في ظهره ، بل في داخل أذنه ، التفت حوله فلم يجد شيئًا !! فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وعاد لأفكاره كان يحلم بالذهب كيف يمكنه أن يغير حياته ، بناته الثلاثة وزوجته المسكينة ، يستطيع أن يقدم لهن السعادة والحياة الرغدة ، ويزوج بناته على أفضل حال ، ومن أفضل الرجال ، ويرتاح نعم كان بحاجة للراحة فكم تعبته الحياة بقسوتها .

صوت غير بشري ونداء جهوري :
سمع صوتًا يناديه ، ولكن الصوت يأتي من خلفه ، عم أحمد صوت جهورى قوي صوت قد يكون بشري ، فلا داعي للقلق ، لملم شجاعته والتفت ، تنمى أن تكون قد خدعته عيناه ، فالذي رآه لم يكن من بني البشر!!.. كان بطول ثلاث أمتار ، ذو سيقان طويلة ، وكان جالسًا خلفه يلتف في عباءه كتانية بيضاء ووجهه أسمر وأصلع تمامًا .

عم أحمد وحارس المقبرة :
طمأن نفسه وقال : ربما هو بشري فارع الطول ، لم يجرؤ على الحديث معه ، تدث الرجل قائلا : لا تخف مني ، أنا حارس المقبرة مثلك تمامًا لكنني هنا لأمنعهم من الحصول على الكنز ، لم ينطق عم أحمد وكانت يده مطبقة على كوب الشاي ، فارتشف رشفة سريعة ، وهرب من عيون الحارس بعيدًا ، كانت عيونه ناريو مسلطة عليه تمامًا .

الصفقة بين حارس المقبرة والخفير :
الذهب ، نطقها الحارس ، هذا ما تريد أليس كذلك يا عم أحمد ؟! .. كان جالسًا هذا الحارس الغريب ممددًا ساقيه أمامه ، فتحدث قائلاً : أراك تخشاني ؟ نعم لست بشريًا أنا الجني الحارس لهذا المكان ، وأصدقك القول أنا أخاف البشر كثيرًا وأخشى أنني لن أستطيع الحفاظ على الكنز وحدي ، فما رأيك بعقد صفقة معي ؟ قال عم أحمد أخيرًا : ماذا تقصد ؟ تململ الحارس في جلسته قائلاً : أعطيك الذهب وتساعدني في ردم المكان ، لتضليلهم وإخفاء دليل المقبرة ، فإن لم أحافظ عليها فسأحترق ؟ .. ها ما رأيك ؟

الموافقة على الصفقة :
لم يرد عم أحمد لكنه الحلم هاهو يتحقق فلم يرفض ؟ هل يخاف من الجني أن يخلف وعوده ؟ فهو لن يخسر شيء ، هز رأسه موافقًا ، فقال له حارس المقبرة : تعال تفضل سأزيح لك الباب الموصد بفعلي ، والذين لا يعرفون فتحه بدون الاتفاق معي ، وأنا أبغضهم أما أنت فرجل طيب مسكين سأفتحه لك .

المقبرة :
قام بحركة من يده فانشق باب تحت قدميهما ، وبرزت درجات حجرية نازلة لأسفل ، دعاه قائلا تفضل وخذ من الذهب ما تريد ، نزل عم أحمد لأسفل وهاله ما رأى لقد تحقق الحلم الذهب الكثير من التماثيل الذهبية ، الصغيرة والحلي والمجوهرات والقدور ، كما تمدد الفرعون الرهيب في تابوته الذهبي الملون ، مهيبا لا يكاد يهزه ريح .

وأغلق باب المقبرة :
تجول كثيرًا في المكان ونسى كل شيء إلا الذهب ، فراح يتأمل كثيرًا ، ويسرح بخياله في البيت الجديد والسعادة وكان يمسك بيديه ما تقع عيناه عليه ، حتى يتحقق له أنه لا يحلم ولا يهذي ، وفي شدة انبهاره لم يلحظ أن باب المقبرة يغلق عليهما ! إلا بعد سماع صوت إغلاق باب المقبرة ، فتلفت من حوله وجد الحارس بعيدًا فسأله لم أغلقت الباب ؟

الذهب والخوف والموت المنتظر :
رد الحارس : قلت لك أنا أخشى بني البشر ولكن لا أخشاك فأنت رجل طيب ، ويمكنك أن تصبح صديقًا لي تواسيني في وحدتي هنا ، ويمكننا أن نعمل معًا على إخفاء دلائل المقبرة ، وتضليل هؤلاء اللصوص ، وها أنت قد حصلت على الذهب فتمتع به .

الموت ونذير الشؤم :
عرف عم أحمد أنها النهاية ، فجلس بين القدور والحلي والتمائيل الذهبية ، فلا شيء لديه الآن سوى التمتع بالنظر إلى الذهب ! وفي الصباح الباكر ، جاءت مجموعة الحفر مع بعض الرجال من علية القوم ، ووجدوا ردمًا هائلاً فوق دليل المكان ، وبعد ذلك انهال عليهم عددًا من الحجارة الضخمة قاتلاً أحد العمال ، فشعروا بنذير شؤم وقرروا التوقف عن العمل في المكان حيث لا وجود لمقبرة حقيقية أو كنز.

اختفاء عم أحمد :
وتعجب الجميع من اختفاء عم أحمد ، هذا الرجل المجنون ، والذي لم يبحث عنه أحد ، بعد ذلك عللت بناته وزوجته اختفائه بالهرب من مسؤوليات الحياة .

By Lars