اعتدنا أن تنطلق الأساطير مجسدة للبيئة التي صنعتها ، وعقليات وتقاليد أبناء المجتمع الذي خرجت منه ، وبالطبع في المجتمع الحديث ، ومع التطور الذي شمل العالم ككل ، من الطبيعي أن تتطور الأساطير ، لتأخذ منحى جديدًا يعبر عن هذا التطور ، ولهذا كانت أسطورة ذوي العيون المظلمة أو السوداء .
تروي الأسطورة ، أن ذوي العيون المظلمة هم مجموعة من الأطفال ، تتراوح أعمارهم بين من 6 إلى 16 عامًا ، ويظهرون على الطرق النائية ، في منتصف الليل لمن يعبر وحده من طريقهم ، ويتصفون بشحوب البشرة وسواد العيون الشديد ، ولا يكفون عن طرق الأبواب ليلاً ، طلبًا لمساعدتهم في أمر مجهول !
يكثر تواجد هؤلاء الأطفال في الأماكن النائية ، والتي لا يمر بها الكثير من البشر ، حيث لا يبدو عليهم الاختلاف منذ وقوع نظرك عليهم ، للوهلة الأولى بل يتحاشون النظر في عينيك كثيرًا ، وقد تسمع أصوات ركضهم ولعبهم بأصوات طفولية ، وفي أحيان أخرى قد تُصدم بأصواتهم المخيفة التي لا تقل إخافة ، عن مظهر أعينهم السوداء المظلمة .
قد يطرقون هؤلاء باب منزلك ، من أجل التحدث في الهاتف أو الاستنجاد بك من أمر ما ، ويروي عدد ممن قابلوهم ، بأن طلبهم إذا ما قوبل بالرفض في البداية ، فإنهم يحاولون استعطاف صاحب المنزل ، والتوسل إليه ليساعدهم ، وإذا ما أصرّ على عدم الاستجابة ، فإن هؤلاء يبدؤون في السيطرة على عقل الشخص .
قصص يرويها من قابلوا أصحاب العيون المظلمة :
روت السيدة ماري قصتها بشأن الأطفال ذوي العيون المظلمة ، وقالت أنها استيقظت في أحد الأيام ، على نباح كلبتها وخرجت لتجدها جالسة خلف باب المنزل ، وتنبح بشدة وهي مرتعبة ، فنظرت ماري من خلف الباب ولم تر أحدًا ، وكادت أن تفتح الباب ، حتى تهدأ كلبتها إلا أن الأخيرة هاجمتها لمنعها من ذلك ، فاندهشت السيدة ونظرت من خلف الباب مرة أخرى لتجد طفلتين ، قدرت عمريهما بحوالي 12 و17 عامًا ، وقالت إحداهما طالبة الدخول ، من أجل إجراء مكالمة هاتفية لطمأنة والدتيهما فهي قليلة .
نظرت ماري إليهما مرة أخرى ، من خلف الباب فوجدت الفتاة شاحبة البشر ولها شعر أصفر فاقع اللون ، والصغرى مثلها في الشكل ، وكانتا تنظرا إلى الأرض في خجل ، وفجأة لا أدري كيف علمت أنني أنظر من خلف الباب ، رفعت الفتاة الكبرى رأسها ، وصُدمت بعينيها المظلمتان ، وقالت بصوت جهوري ، لا يتناسب مع أنثى وليس طفلة ، افتحي الباب وإلا سوف نقتحمه عنوة .
تراجعت ماري ببطء إلى الخلف ، ومازالت كلبتها ترتعد خوفًا ، وظلت تتراجع وهي تشعر بخاطر ، يجبرها على فتح الباب ، إلا أنها قاومت بشدة ، حتى صعدت إلى غرفتها وأغلقتها خلفها ، وظلت هكذا حتى انصرفت الفتاتان وهدأت هي ، وروت أنها قد قرأت بشأن هؤلاء المخلوقات ، وتعلم أنهم لا يؤذون من يطيعهم ، ولكنها ظلت خائفة أن تصبح أولى ضحاياهم .
أما القصة الثانية ، فيرويها جورج وهو حارس أمن ، يعمل لأوقات متأخرة من الليل ، ثم يستقل الحافلة للعودة إلى منزله ، وفي إحدى الليالي استقل جورج الحافلة ، مع السائق وطفلين ورجل في نهاية الحافلة ، وكان هناك شيئًا يجعله يتلفت نحو الطفلين ، وهو لا يدري ما الأمر .
فجأة التفت إليه الصبي ، فارتعب جورج حتى كاد يبتلع قلبه ، فالطفل كانت عيناه مظلمتان بشدة ، فهب جورج واقفًا ، وجلس إلى جوار السائق حتى هدأ وعاد إلى منزله ، وهو يتلفت حوله ولا يصدق ما رآه .
الحقيقة :
في عام 1998م كتب براين بيتيل مجموعة قصصية ، لإحدى المجلات المحلية ، سرد فيها مجموعة من القصص بشأن الأطفال مظلمي الأعين ، ونالت تلك المقالات شهرة واسعة ، وتمت استضافته في مجموعة من البرامج التليفزيونية ليتحدث عن تجربته ، ونالت قصص ذوي العيون المظلمة ، شهرة واسعة حتى أنها قد اجتذبت صائدو الأشباح والأرواح للبحث عنهم .
وبحلول نهاية عام 2014م كتبت صحيفة الديلي البريطانية ، أكثر ثلاث قصص نالت شهرة بشأن رؤية الأطفال ذوي العيون المظلمة ، والتي نالت اهتمامًا آخر ، خاصة بعد قيام أحد الأشخاص بتصوير فيلمًا قصيرًا ، لطفلة داخل إحدى الغابات التي تم الإبلاغ عن رؤية ذوي العيون المظلمة بها ، ولكن ظل المقطع محلاً للجدل بين الفبركة والحقيقة ، إلا أن الأمر اتخذ على محمل الأساطير حتى وقتنا هذا .