البعض منا خاض تجارب غريبة للغاية ، قابل من خلالها مخلوقات مخيفة ، بعضها تم وصفه بأنه جن ، والبعض الآخر أقر من رأوه ، بأنهم مخلوقات مظلمة ، كيانات سوداء لا ملامح لها ، ولكنك تشعر بالاختناق والنفور عندما تتواجد بالقرب منك ، فهل كان ما رآه عصام في منزل جده ، مخلوقات مظلمة ؟
يقول الراوي ، اسمي عصام وأبلغ من العمر تسعة وعشرين عامًا ، توفى جدي رحمه الله عن عمر ناهز الثمانين عامًا ، ولكن والدي كان متعلق به بشدة ، حتى أنه قد اكتأب عند وفاة جدي ، حاولنا كثيرًا أن تخرجه من حالة الحزن التي سيطرت عليه ، إلا أنه قاومنا بشدة ، وبدأ في التململ من محاولاتنا ، لدرجة أنه قد ظل في غرفته قرابة الشهر ، يجلس وحده ، ولا يخرج منها سوى لتناول القليل من الطعام ، أو الذهاب للمسجد أو الحمام فقط ، وحتى إن جاء من يزوره لم يكن يقابل أحد.
اقترحت عليه والدتي أن نسافر جميعًا ، لتغيير عاداتنا اليومية ، والحصول على أمل جديد ، ولكن والدي رفض بشدة ، وبعدها ببضعة أيام ، طلب والدي أن نتركه يذهب إلى منزل والده الراحل ، لأنه يرغب في زيارته بشدة ، فاقترحت عليه فورًا ، أن أرافقه في تلك الزيارة التي قد تستغرق يومين أو أكثر ، فهز والدي رأسه أنه موافق ، وانفرد مع أحزانه داخل غرفته .
منزل كئيب وممتلئ بالغبار ، هكذا هو منزل جدي ، في البداية بدأت في مهمة تنظيف المنزل ، وأرهقت بشدة في حين دخل والدي إلى غرفة نوم والده ، وبعد أن أتممت عملي في المنزل ، ونزعت ما استطعت من غبار ملأه ، جلست قليلاً طلبًا للراحة ، على أريكة بالردهة ، وبعد قليل كنت قد غفوت من شدة التعب .
قد لا تصدق ، ولكنني بعد أن غفوت رأيت نفسي ، نعم أنا الآن أحلق في السقف ، أشاهد نفسي نائمًا على الأريكة ، أشاهد تفاصيل المنزل من الأعلى ، وإلى جواري يجلس جدي ، ينظر إلي ويكسو وجهه الحزن ، وعلى الأرض أسفل قدمينا ، كان هناك عدد من المخلوقات المظلمة والكيانات الغريبة ، كانت كلها سوداء وقصير القامة ولها أعين حمراء ، وبدؤوا في جر قدماي ، وأنا مازلت نائمًا ، وأنا أشاهدهم من الأعلى .
في حين رفع جدي ساقيه عنهم فلم يلمسوه ، بينما بدؤوا في جذبي حتى كدت أن أسقط عن الأريكة ، وحاولت أن أصيح مناديًا والدي ، ولكنني كنت مكبل وكأن هناك من يكتم صوتي ، وفجأة استيقظت .
بمجرد أن استيقظت ، كنت أشعر بألم حاد في ساقاي ، فبدأت في الصياح باسم والدي ، والذي بمجرد أن رآني امتقع وجهه ، وساعدني على النهوض والخروج من المنزل ، كانت ساقاي حمراوان ، وعليهما آثار وكأن هناك من أحرقهما ! نعم كانت آثار حرق ، وكأن هناك من حرقهما بسيخ من حديد ، ملتهب بشدة .
ذهبت مع والدي إلى أحد الشيوخ ، وكان والدي قد نصحني بألا أتفوه بحرف مما سوف أسمع ، ثم بدأ في رواية لهذا الشيخ ، وقال له أن جدي كان يمارس أعمال السحر الأسود ، وكان يُسخّر عددًا من الجن الخادم ، ولكن بعد وفاته ، لم يتحرر الجن الخادم ، وظل أبي يرى والده ، حزين ويجلس في أماكن مظلمة وموحشة وهو يبكي.
ثم طلب منه أن يذهب إلى منزله ، ويبدأ في تحرير الجن الخادم ، حتى يتركوه وشأنه ، وبالفعل عندما ذهبنا إلى منزل جدي ، أخذ يقرأ عدد من التعاويذ ، التي يمكنها أن تحرر الجن ، ولكنه بدلاً من أن يحررهم ، حاولوا مس ابني عصام ، ولكن لم يناله أذى ، فنصحه الشيخ بالمداومة على قراءة القرآن .
وأن أستحم بماء مقروء عليه ، لأنني كنت بالفعل بدأت أرى أناسًا في منزلنا ، يدخلون ويخرجون وكانوا دائمًا ما يقفون بالحمام ، كنت كلما مررت إلى جوار الحمام سمعت أحاديث أناس ، وعندما أنظر أجد كثير من الناس يتزاحمون بالداخل ، وقال الشيخ أنني ممسوس ولكن علي المداومة على القرآن ، وحتى الآن ، لم أعرف فيم كان يسخر جدي الجن بمنزله ، ومتى سوف أشفى مما أرى ، فهم الآن يحيطون بي وأنا أسرد تلك الكلمات .