السيد النبيل آلان هاريس هو أحد رجال الحاشية ، للملك جورج الثاني ملك انجلترا ، وكعادة النبلاء وحاشية البلاط الملكي في هذا الوقت ، كان السيد آلان يمتلك قصرًا ملحق به مزرعة واسعة ، وتمتد لمسافة طويلة بإحدى الضيعات ، إلى جانب قصره في المدينة بجوار الملك .
وفي أحد الأيام التي اجتمع فيها الملك ، مع رجال حاشيته وذلك في عام 1729م ، إذا بكبير الياوران يدخل إليه ويستأذن في تسليم السيد آلان ، رسالة عاجلة من مشرف منزله ، بأن المشغولات الذهبية التي قد نركها والد آلان ، قد سرقت وليس هذا فحسب ، بل أيضًا المشغولات الفضية التي تركها جده ، ولابد له أن يأتي بسرعة .
هنا انزعج آلان ونهض معتذرًا من الملك ، الذي ما أن علم بالأمر حتى أذن له بالذهاب إلى مزرعته ، ليستقبله مشرف المنزل ، ويقول له بأن الأمر يسيء إليه أولاً وأخيرًا ، حيث عمد إلى إغلاق كافة نوافذ وأبواب المنزل والاطمئنان عليها ، كل يوم بنفسه حتى كانت تلك الليلة التي وقع فيها الحادث .
فبعد أن نام الجميع واطمأن المشرف ، بأن الطاه والخادمتان وثلاثة من الخدم ، تفقد الأبواب والنوافذ ودلف إلى غرفته ، ولكن في منتصف الليل سمع الرجل جلبة ، آتية من غرفة التحف الواقعة أسفل غرفته ، فنهض مستلاً سيفه وقد ظن أن بعض اللصوص بالغرفة ، فسأله آلان لمَ لم يوقظ الخادمين الآخرين ؟ فأخبره أنه قد ظن بأنهما هما من بالغرفة ، ولماذا لم يوقظ الخادمتين ؟ أجاب أنه قد خشي بأن يعتدي عليهم اللص ، ويهرب أيضًا ولكن الصوت كان واضحًا فهناك من يضع ، التحف في صناديق داخل الغرفة .
هنا قرر المشرف أن يقتحم الغرفة بنفسه ، شاهرًا سيفه وما أن دخل حتى شاهد ثلاثة من الملثمين ، ولكنه تعرف إلى أحدهم ويدعى هنري ، وكان هنري شابًا فقيرًا استأجره المشرف ، في الفترة الأخيرة ولكنه من أسرة طيبة ، وبمجرد أن فتح الباب وحاول الدخول حتى هجموا عليه ثلاثتهم ، ووثقوا يديه إلى أحد المقاعد وكمموا فمه ، فلم يستطيع أن يصدر صوتًا .
وبسؤال باقي الخدم عما حدث ، وجدهم السيد آلان وقد أصروا على الرحيل ، نظرًا لما تعرضوا له من إهانة بالغة ، فهم في خدمة السيد لأكثر من عشرة أعوام ، ولم يوجه لهم شخص ما مثل تلك التهمة ، ولكنهم بقوا بالمنزل أخيرًا بعدما ألح عليهم السيد آلان ، بالبقاء وسألهم عما حدث .
أقر الخدم بأنهم استيقظوا في الصباح الباكر كعادتهم ، وأعدوا الإفطار وجلسوا ينتظرون المشرف ، الذي ظل مختفيًا لفترة طويلة فبدؤوا يتندرون عليه ، ولكن مع غيابه الطويل شكوا في الأمر ، وأرسلوا إحدى الخادمات لتطرق بابه ولكنه لم يجب ، مما جعلهم يهرعون جميعًا إلى غرفته ، وعقب أن حطموا الباب لم يجدوا المشرف ، ولكن يبدو أنه كان قد استلقى بفراشه قبل أن يتركه ، ظلوا يفتشون المنزل حتى وصلوا إلى غرفة التحف ، ووجدوا المشرف بداخلها وقد تم تقييده وتكميم فمه ، فبدؤوا بإفاقة الرجل ثم بحثوا عن هنري ، حيث ظنوا جميعًا أنه برفقة المشرف خارج المنزل ، ولكن الشاب كان قد اختفى تمامًا .
تم إبلاغ رجال الشرطة الذين ، حصلوا على مواصفات هنري ووعدوا السيد آلان بالبحث عن مسروقاته ، ولكن مضت الشهور دون جدوى وأيقن آلان بأن ما ذهب من تحف ، ولوحات قيمة وهدايا من الأمراء والملوك ، لن يعود مرة أخرى أبدًا ، وظل والد هنري المندهش يحاول الدفاع عن ابنه ولكن لم يكن يستمع له أحدًا ، بل كانوا يشعرون بالشفقة نحوه ، بعد ما فعله ابنه .
وأثناء جلوسه مع الملك قال له الملك ، سوف تعود لك مسروقاتك ، ولما رأى آلان قد صمت قال له ألن تسألني كيف علمت ذلك ؟ فأجابه السيد آلان باحترام بالغ إنها فطنة مولاي ، فأجابه الملك أنه قد رأى حلمًا بأن طائرًا قد هبط على قصره ، وألقى بالشمعدان الذي كان الملك قد أهداه إياه بنفسه من قبل .
بعد ذلك سافر السيد آلان وأسرته إلى قصر المزرعة ، ومكث به عدة أيام حاول خلالها أن يعلم كيف يوصد المشرف القصر ، واندهش بشدة فالرجل لا يترك مكانًا تدخل منه بعوضه ، وقد هم بالنوم لولا أن رأى أمامه فجأة شابًا هزيلاً ، وقبل أن يصرخ السيد آلان وضع الشاب يده على فمه ، بألا يتحدث فاستل الرجل سيفه ، فأشار إليه الفتى بأن يتبعه .
ظل آلان يفكر من أين دخل وخرج الفتى والأبواب موصدة ، حتى وصل به الفتى إلى شجرة البلوط بالحديقة وأشار إليها ، فانتبه آلان ونظر لها واستدار يسأله ما بها ، فإذا بالفتى قد اختفى !
صعد آلان وأيقظ الخدم ودفعهم لحمل المعاول ، والحفر أسفل شجرة البلوط حتى ظهرت ثياب ، ثم جثة متحللة ليصرخ أحدهم بأنها جثة هنري ، وبتضييق الخناق عليه اعترف المشرف بأنه هو من دبر كل شيء ، وأحضر اللصوص لمساعدته ولكن لسوء حظه ، استيقظ هنري وكاد أن يفضحهم رغم محاولتهم رشوته ، فاضطروا لقتله بعد أن قطعوا لسانه تنكيلاً به .
تم محاكمة المشرف واللصوص وحكم عليهم ، بالإعدام شنقًا على جريمتهم ، وبعد أن أعدموا ذهب السيد آلان إلى قصر الملك ، فوجده قد أرسل في طلبه عاجلاً ، ولما دخل إليه وصف له الشاب القتيل فأجابه السيد آلان بأنه هنري ، الذي قتل في قصره الريفي ، فأخبره الملك بأنه حضر إليه ولا يدري من أين أتى ، ولم يرغب الملك في الصراخ ربما منعته رقة الفتى ، الذي أشار إلى فمه بأنه لا يستطيع الكلام ، ثم تقدم من الملك وقبّل غطاؤه وانصرف مبتسمًا ، فأجابه السيد آلان بأنه قد أتى يشكره ورحل إلى السماء ، ولم يعد أحدًا يرى شبحه من بعدها قط .