كل ما يحدث معنا من وقائع ، ما هي إلا أقدار تأتينا بغتة ، وعلينا تقبلها والتعامل معها بطريقة لائقة ، وقد يحدث أن نواجه مجهولاً ، فلا يتطلب منا الأمر إلا رباطة جأش ، وحسن التصرف مع ما استجد علينا ، ولكن ماذا إن لم نحسن التصرف ؟ قد نقع فريسة لسارق أو حتى قاتل ، وقد يكون كيانًا مظلمًا لا ندري ما هو ، وتكون أرواحنا هي الثمن ، فهل دفع جورج حياته ثمنًا أم نجى ؟
اعتاد جورج منذ أن عمل في تلك لشركة ، على قضاء أغلب وقته في العمل ، خاصة وأن نشاط الشركة تضاعف وتزايدت الأرباح ، وصاحب العمل لا يثق سوى به ، فهو أول من بدأ العمل معه ، منذ أن كانت الشركة مجرد غرفة صغيرة في حي متواضع ، وها هي الآن قد صارت مبنى ضخم في وسط الأحياء الراقية ، وتتكون من عدة طوابق ضخمة .
وكان جورج يقدر هذا الأمر جدًا ، فرب عمله لم يكن سوى رجل في مقام والده ، وأحبه جورج كثيرًا فلم يربه غيره ، وكان يطلق عليه العم آندرو ، ومثله مثل غيره من أصحاب ورواد الأعمال ، كان لآندرو الكثير من الأعداء بسوق العمل ، ولكنه لم يكن يعر الأمر اهتمامًا ، ويكتفي بتحصين نفسه منهم فقط .
وفي أحد الأيام وصل بعض العمل المتأخر إلى الشركة ، فحصل جورج على مفاتيح الأبواب ، حتى يستطيع أن يسهر إلى جوار العمل قليلاً قبل أن يعود إلى منزله متأخرًا ، ووافق آندرو على هذا الأمر فهي ليست المرة الأولى .
جلس جورج يعمل طويلاً ، في غرفة واسعة يجلس بها الموظفون ، ويفصل بينهم حوائط خشبية قصيرة ، وكل وُضع أمامه جهاز حاسب آلي للعمل ، وكان جورج يعلم أنه الوحيد بالعمل في تلك الليلة ، ولكن عقب أن انتصف الليل سمع جورج حركة مريبة ، ظن أنه فأرًا يتحرك وقد أحدث جلبه ، ولكن الارتياب تزايد بداخله فنهض ، ووقف أعلى مقعده ليرى كافة المنطقة حوله عن قرب ، وكانت صدمته عندما وجد ظلاً أسود يجلس على أحد المقاعد ، وأمامه شاشة الحاسب الآلي مضيئة !
ارتعب جورج بشدة وصاح بخوف واضح ، من أنت ؟ ليتفاجأ بأن إضاءة الشاشة انطفأت فجأة ، وساد الظلام بالمكان فندم أشد الندم أنه فعل ذلك ، فقام بإطفاء إضاءة شاشته هو أيضًا ، وهاتف آندرو ليسأله إن كان قد ترك المفتاح لحد غيره ، فأخبره أن لا بالطبع وأمره بالذهاب إلى غرفة المخزن ، ووصف له أين سيجد المسدس ، وأن يقبع في مكانه حتى يصل إليه رجال الشرطة .
تحرك جورج بخفة من مكانه وفعل ما طلبه منه آندرو ، وبمجرد أن حمل المسدس توجه صوب المصعد ، وهبط به إلى الطابق الأرضي ، ولكن توقف المصعد فجأة ، وانفتح الباب فجأة ليجد أمامه كائنًا أسود ضخم الحجم ، وله عينان حمراوان وهم بمهاجمته ولكن جورج أطلق الرصاص من مسدسه من شدة الرعب ، وظل يصرخ حتى عادت الأبواب وانغلقت ، وهبط المصعد واستكمل طريقه ، ليخرج جورج وهو يركض سريعًا ، ولا يدري أين يذهب .
شعر جورج أنه لا يتعامل مع كيان بشري ، ولم يجد سوى غرفة الطوارئ ليختبئ بها ، فقبع فيها لتلفت نظره كاميرات المراقبة ، فأخذ يبحث بعينيه في المكان برعب عن هذا المقتحم ، ليعلم أين هو تحديدًا فآخر ما رآه هو أنه سقط أرضًا ، عقب إطلاق الرصاص عليه ، قبل أن تنغلق أبواب المصعد .
ولكن أين هو ؟ فأمام المصعد لا يوجد ي أثر له ، ولم تسجل الكاميرات أية حركة له عقب أن سقط أرضًا ، فجأة سمع حركة تأتي من خلفه ، فاتسعت عيناه رعبًا ثم استدار ليجد هذا الكيان يقف خلفه ، مكشرًا عن أنيابه وسمع صوتًا يتردد في ذهنه ، ويقول له في المرة القادمة أطلق الرصاص ، على بشر مثلك .