كثيرًا ما حذرتنا أمهاتنا ، ألا نذهب للأماكن المظلمة المهجورة وحدنا ، وألا نبقى بها ولو لدقائق بسيطة ، لأن عشائر الجن تسكنها إذا لم يخطوها بشر ، ويكون الأمر خطرًا خشية التلبس ، أو المس. ولكن ماذا عن المنازل ذات الأقبية ، والتي قد ننتقل إليها دون أن نعلم عنها شيئًا ؟ فبالطبع لن نبحث في تاريخ كل منزل نود السكن به ، ولكن يبدو أن الأمر يستحق ، خاصة بعد ما حدث مع مارتن .
يقص مارتن ما حدث معه ويقول ، أنا شاب في الثامنة عشرة من عمري ، أعيش برفقة والدي وشقيقي ، وقد منحوني جميعًا فرصة قوية ، من أجل ممارسة موهبتي في تعلم الموسيقى ، والعزف على الجيتار فقد كنت مهووسًا بها منذ طفولتي المبكرة ، وها أنا الآن أتعلمها جيدًا وأتخذ خطوات واسعة ، حتى أعمل في أشهر الفرق الموسيقية الأمريكية .
للأسف مرت بنا ظروف عصيبة ، عقب احتراق منزلنا فجأة ، واضطررنا للحصول على مبلغ التأمين واستكمل والدي المبلغ المالي ، وحصلنا على منزل جديد في حي متواضع ، بالطبع لم تعجبني فكرة المكوث في حي متواضع كهذا ، خاصة أن المنزل يشعرك بالانقباض فور أن تدلف إليه ، ولكني أحببت فكرة أن به قبو ، قد يمكنني تنظيفه والحصول مع رفاقي على بعض الوقت ، بداخله من أجل التمرينات والعزف والتدريب .
مرت بضعة أسابيع كنت أشعر خلالها ، أنني أكثر تثاقلاً وكثيرًا ما كان ينتابني إحساس بأن هناك من يراقبني ، أشعر بأن أحدهم ينظر إلي ولا أنا لا أراه ، هواء بارد أو دافئ يتحرك فجأة حولي ، وكأن أحدهم قد مر بجواري! وكان هذا الشعور يتزايد عندما أمر إلى جوار باب القبو .
قام والدي في أحد الأيام بنقل بعض الآلات الخاصة بي ، إلى القبو بالأسفل وأخبرني أنه فعل ذلك ، نظرًا لضيق المساحة بالخارج وأدواتي كانت مبعثرة في كل مكان .
وفقًا لطبيعة عمل والدي فقد كان دائم السفر ، وشقيقي أيضًا كان يضطر أحيانًا للمبيت في عمله ، وفي أحد الأيام كان الوالدان على سفر ، وشقيق مارتن أيضًا في عمله ، ولم يكن بالمنزل سوى مارتن الذي قضى يومه هو الآخر ، خارج المنزل طوال اليوم ، برفقة أصدقائه يتدربون على مقطوعات موسيقية جديدة ، ولكن بحلول المساء اصطحبه أصدقائه إلى المنزل ، من أجل إحضار بعض الآلات الموسيقية من قبو المنزل ، فاستأذن مارتن ودخل إلى المنزل .
كانت هناك بعض الأضواء الخافتة ، القادمة من ردهة المنزل فشعر مارتن بإحساس مخيف بعض الشيء ، نفس الشعور الذي طالما راوده بأن هناك من يراقبه ، تقدم مارتن وفتح باب القبو وأضاء المصباح ، فانبعث منه ضوء خافت استطاع على وميضه ، أن يرى ما يريد من آلات ، فهبط الدرج مسرعًا وحمل الآلاتين ثم رفع رأسه .
واتجه صوب الباب ليدرك أنه قد نسي مفتاح المنزل بالأسفل ، تنهد قليلاً ثم هبط الدرج مرة أخرى ووجد المفتاح قد سقط أرضًا ، انحنى مارتن ليلتقط مفتاحه ومجرد أن رفع رأسه ، لمح كيانًا أسود يقبع في ركن القبو ، وينظر إليه بنظرة ثاقبة وعينين حمراوان ، اقشعر جسد مارتن وصرخ وانطلق ركضًا نحو العلى ، ليغلق الباب خلفه ، ويجلس قليلاً يلتقط أنفاسه المتلاحقة ، ثم يحمل آلاته ويتجه نحو الباب الرئيس .
انقطع التيار الكهربائي ! توقيت غريب ونفس الشعور بأن هناك أحدهم ، يسير خلفه وأنفاسه الحارة يكاد يشعر بها تحرقه ، تقدم ببطء على الضوء الخافت القادم من الشارع ، واتجه نحو الباب الأمامي وخرج منه ، وصعد إلى السيارة أمام المقود ، وقام بتشغيل السيارة ، فقاطعه أحد أصدقائه وسأله إن كان سينتظر شقيقه ، فسأله مارتن بدهشة واستنكار أين رآه ! فسيارته ليست بالمآرب وأبلغهم أنه سوف يبيت بالعمل ، فسأله آخر إذًا من هذا الذي كان يسير خلفك ، عندما خرجت من باب المنزل ؟