قرأنا الكثير من قصص الحب ، التي لم تنته كما يجب مثل غيرها ، بالزواج واجتماع الحبيبين ، للأبد تحت سقف واحد ، يشهد نهاية هذا الحب العميق ، الذي ملأ قلبيهما مثل الغير ، وإنما انتهت الكثير من تلك القصص بمأساويات ، حولت البعض منهم إلى أشباح حائرة لا تجد لذتها سوى في البحث عن حبها الضائع .
آن ميتشل هي ابنة لأحد النبلاء ، عاشت ونشأت في القصور بين الحدائق الغناء ، والقصور المرفهة وكانت من أجمل فتيات جيلها ، حتى أنها قد لقبت بحسناء وسط كنتاكي وقد حاول الكثير من أبناء النبلاء أن يتزوجوا منها إلا أنها كانت ترفض وتنتظر فارس أحلامها الذي سوف يأتي ليأخذها فوق حصانه الأبيض ، بعد أن يبلغ حبها منه مبلغه .
وفي أحد الأيام ، وبينما جلست الجميلة آن في حديقة القصر ، تمشط جدائلها الجميلة إذا بها ، تجد شابًا وسيمًا أشقر الشعر ، ومفتول العضلات ، يمتطي صهوة جواده ، ولم يكن جون ويلز هود ، الذي تعلق قلب آن به ، وهو أحد طلاب الكلية العسكرية ، في مدينة ويست بوينت عام 1849م ، ويسكن برفقة والده في مزرعتهما الشهيرة ، ومدرسة لتعليم الأطباء المبتدئين ، وتقع المزرعة بالجوار من قصر آن ميتشل .
صار العاشقان يلتقيان في الحديقة العامة ، وظلا على هذا الحال لعدة أشهر ، كان جون قد وعد آن خلالها ، أن يتقدم لخطبتها فور عودته ، من المهمة القادمة في ويست بوينت ، ووعدته بالانتظار حتى يأتيها زوجًا .
في تلك الأثناء وعقب سفر جون ، تقدم أحد النبلاء لطلب يد آن ، وأمام مزاياه الكثيرة حاز غلى إعجاب أسرتها ، وبدأت الضغوط عليها ، فتحججت بأنها لن تترك قصر أهلها أو تبتعد عنهم ، فأمر خاطبها ببناء قصرًا لها يجاور قصر عائلتها ، فاضطرت آن للموافقة ، وكتبت رسالة لحبيبها تودعه بدموعها ، وشرحت له ما تعرضت له من ضغوط كثيرة .
وما أن علم جون حتى قطع دراسته وأرسل لآن ، يخبرها أنه سوف يأتي إليها ، وقد جهز حصانين ليهربا بهما معًا ، وعندما علمت آن لم تستطع أن تخفي فرحتها بما سوف تفعل ، وهنا علمت إحدى لخادمات في القصر ، وذهبت لتشي بسيدتها آن ما تم تدبيره من مخطط ، طمعًا في العفو عنها وإطلاق سراحها .
إلا أن الأمر تحول فجأة إلى مأساة ، فقد أمضت آن حياتها في غرفتها ، بعد أن قبض عليها شقيقها ووالدها وهي تستعد للهرب ، وأعادوها إلى القصر حتى تحين إجراءات الزواج ، وعاد جون إلى ويست بوينت مرة أخرى ، يجر أذيال خيبته للأبد .
ظلت آن حبيسة غرفتها ، حتى تزوجت من آندرسون ، وكان الجميع يعلمون أنها ترفض هذا الزواج ، إلا أنهم تجاهلوا كآبتها وانطوائها وظنوا أنها سوف تنسى ما حدث عاجلاً ، ولكن للأسف مرت الأيام وعملت آن أنها حامل بطفل لآندرسون ، فلم يزد هذا الأمر حياتها إلا تعقيدًا ، وطلبت ألا يزورها أحد ، حتى وضعت حملها وما أن رأوها حتى وجدوها قد شحبت وذبلت بشدة وكانت تحتضر ، فقالت لهم دعوني أحتضن طفلي هذا ، وكل من ساعد على فراقي من حبيبي سوف تصيبه لعنتي إلى الأبد، ثم فارقت الحياة .
في المساء هبت رياح قوية ، عقب أن تم دفن آن في مقابر العائلة ، اقتلعت تلك الرياح جزء من قطع القرميد التي تزين غرف القصر ، وأصابت أحد أشقاء آن الذي منعها من الهروب ، وكذلك الخادمة التي وشت بها لدى العائلة ليفارقا الحياة في نفس الليلة .
وتوالت الوفيات الواحدة تلو الأخرى ، وأصابت لعنة آن كافة أفراد العائلة المشؤمة ، وصار قصرها منبعًا للشؤم ، حيث انتحر كل من سكن هذا القصر في ظروف غريبة وغامضة .