ينظر العديد من البشر إلى مسألة ، المس الشيطاني أو حالات التلبس أو الاستحواذ بأنها درب ، من دروب الدجل والشعوذة وليس لها أي أساس من الصحة ، وإنما كلها أفعال نفسية واضطرابات سلوكية للشخص نفسه ، تجعله يقدم على التحدث بضمير شخص آخر ، أو القيام بأفعال وحركات غير مفهومة ، ولكن ماذا عمن يطير بالهواء ، أو يتحدث بلغات قديمة لم يتعلمها من قبل ، أو يفعل أمورًا خارقة ؟ مثل إنزال المطر داخل غرفة مغلقة على سبيل المثال ! وهذا هو ما فعله بطل قصتنا دون ديكر .
دون ديكر أمريكي الجنسية ، ولد لأسرة لم تمنحه الأمان أو الحنان المطلوب لكل طفل ، فنشأ معذبًا يعاقب على ارتكابه لحماقات كثر ، وتم سجنه لمدة عام واحد عقب سرقته ، لمحل تجاري .
وفي عام 1983م كان دوني قد بلغ الثالثة والعشرين من عمره ، وتم منحه أسبوعًا واحدًا لإطلاق سراحه ، حيث كان جده قد توفى ودوني مازال سجينًا ، وتم إطلاق سراحه مؤقتًا لحضور الجنازة ، وما لا يعرفه الكثيرون هو أن دوني لم يكن يحب جده من الأساس ، فهو كان كثير التعنيف له ويسيء معاملته ، وقد تسبب في إيذائه نفسيًا وجسديًا بشكل كبير ، منذ أن كان في السابعة من عمره .
وقف دون عقب وصوله إلى البلده ، في مواجهة جثمان جده الراقد في انتظار أن يواريه الثرى ، أخذ دون يتأمله وتتضارب في داخله ، مشاعر من الغضب والحنق والشماتة أيضًا ، فقد تذكر كل ما أذاقه جده من عذاب ، وترك في روحه ندوبًا ليمحيها الوقت .
قرر دوني المبيت برفقة صديقه بوب وزوجته جيني ، حيث طردته والدته من المنزل ورفضت مبيته ، نظرًا لدخوله إلى السجن ، فاصطحبه صديقه للمبيت لديه ، دعت جيني زوجها ودوني إلى العشاء ، فصعد دوني للطابق العلوي ، حيث أراد أن يغسل يديه قبل تناول العشاء .
وفجأة وداخل الحمام شعر دوني أن هناك شيء ما ، سحب الهواء من المكان ، ثم لاح له وجه رجل عجوز في المرآه ، ارتعب دوني ونظر خلفه ظنًا منه بأن العجوز يقف خلفه ، ولكنه استدار ليجد الفراغ ، ومجرد أن عاود النظر في المرآة ، لم يجد شيئًا وعاد كل شيء طبيعي مرة أخرى ، باستثناء بع الندوب التي ظهرت على يديه ، وكأن هناك من قام بخدش يديه !
هبط دوني إلى العشاء ، فنظر له بوب وسأله عن الخدوش فأخبره دوني بما حدث ، ولكن بوب ضحك ساخرًا وقال بأن كل تلك الأمور ، ما هي إلا أوهام بعقله ، ما هي إلا دقائق حتى شعر دوني بالهواء ينسحب من الحجرة ، وفجأة صرخت جيني انظروا الجدار ، فنظر زوجها ودوني للجدار ، فرؤوا المياه تنزل بشكل كبير عليه ، وما هي إلا دقائق حتى بدأ سقف الحجرة يمطر !
في مشهد غريب هنا نهض بوب مسرعًا للطابق العلوي ، ولكن كل شيء كان جيدًا ، فهبط مرة أخرى ليجد الأمطار ، قد بدأت تصعد من الأسفل للأعلى ، وبدأت تتساقط بشكل أفقي في مشهد ، ضد كافة قوانين الجذب وقوانين الطبيعة كافة والفيزياء كافة .
اتصل بوب بمالك المنزل ، الذي ذهب هو وزوجته ليروا هذا المشهد المرعب ، وما أن حضر رجال الشرطة الذين استعداهم بوب ، حتى شاهدوا هذا المشهد الذي أثار رعبهم ، وفجأة صرخت جيني انظروا دوني ، فالتفتوا إليه ليجدوه شاحب الوجه ، ويتنفس بصعوبة فأشار عليهما الشرطيان بأن يصطحبونه إلى الخارج ، ريثما ينتهيا من فحص المنزل .
ما أن خرج الثلاثة حتى توقف المطر بالمنزل ، وذهبوا جميعًا لمطعم بيتزا مقابل لمنزل ، ولكن بمجرد جلوسهم حتى هطل المطر داخل المطعم! هنا تفحصت صاحبة المطعم دوني ، وهمست لجيني بالخروج لأن دوني بدو بأنه ممسوسًا ، وبالفعل بمجرد خروجهم من المطعم حتى توقف المطر !
انتهت فترة تواجد دوني خارج السجن ، ويعود إليه عقب أن طردته زوجة صديقه أيضًا ، حيث شعرت بأنه هو من وراء كل ما حدث بمنزلها ، وبدأ يفكر في السبب الذي جعل كل ذلك يحدث ، هنا فكر قليلاً في مسألة المطر داخل الزنزانة .
وما هي إلا ثوان حتى تساقطت الأمطار في زنزانته بغزارة ، وتكرر الأمر مع الزنزانة المجاورة له ، وغرفة قائد الخفر ، حتى أشار أحدهم إلى وجود غمامة أثناء هطول المطر ، فتم استدعاء أحد القساوسة من الكنيسة ، ليفحص دوني ويبدأ بجلسات طرد الأرواح ، حتى تعافى دوني تمامًا واختفت ظاهرة الأمطار ، وأقر القس بأن ما حدث كان مسًا شيطانيًا .