كنت أشعر بالحزن والألم الشديدين ؛ وكأن سوطًا من العذاب ينال من جسدي ؛ ثم استيقظتُ فجأة وقبل أن أفتح عيني ؛ لا أعلم لماذا كانت تلك الليلة هكذا ؛ كنت أخشى أن أفتح عيني وأنا لا أدري ما هو الذي ينتظرني ، لم أكن أعلم أين كنت بالضبط ، وكانت يدي اليمنى مكتوفة بطريقة تمنعني من تحريكها .

كنت أحاول أن أرفع يدي المحررة إلى أعلى ؛ أو أحرر يدي اليمنى ؛ أو أن ألمس قميصي ؛ ولكنني فشلت بكل الطرق ، بدأ الشعور بالألم في كتفي يقل رويدًا رويدًا ؛ مما جعلني أستعد لفتح عيني ، وحينما نظرتُ حولي لم أجد سوى الظلام يحيطني من كل اتجاه .

حاولتُ مرات عديدة أن أتأكد أن عيناي مفتوحتان ؛ وأن ذلك الظلام كان حقيقي ، وسمعتُ بعد قليل صوت تصفيق لأشياء معدنية ؛ كنت أركز في الصوت ولا أستطيع أن أميزه ؛ ولمحتُ ضوء فلاش ؛ والذي رأيته بعد قليل بوضوح ، لم يعد لديّ أدنى شك أن ذلك شيء لامع برّاق ؛ وقد بدأ صوت التصفيق أوضح .

بدأتُ أميز شيئًا أخر كالظل الكبير المستدير ؛ وقبل أن أتمكن من التعرف على ذلك الكائن ؛ سمعتُ صوت التصفيق مرة أخرى ؛ ثم نال مسامعي صوت ضجيج أخر يقترب من قدمي ، وشعرتُ بالكثير من الحركة ، وتذكرتُ أننا في فصل الخريف ؛ وصوت حفيف الأوراق قد يكون هو المسيطر على العالم الخارجي .

لم أنتظر كثيرًا حتى أحسستُ بحركة تمشي على قدمي ؛ كنت أشعر أنني في معركة ؛ حيث كنت أقاتل لإخراجها ولا أعلم كيف كانت صعبة هكذا ؛ وصوت تصفيق من جديد ؛ وضجيج الأوراق ، وبعد رجفة شديدة سرت في جسدي ابتعد ذلك الكائن عني .

بعد قليل شعرتُ بحكة تحرق قدمي ؛ لم يكن ألمًا حقيقيًا ؛ ولكنه شيء أشبه بالألم ، كيف يُمكنني أن أقوم بتدليك قدمي ؛ وأنا أشعر بأن قدمي مربوطة بحبل ؛ كان يساورني احساس بالبرودة والحرارة في نفس الوقت ، تصاعدت إلى أنفي رائحة مألوفة ؛ إنها رائحة الدم .

انهمرت الدموع من عيني ؛ وأصاب الفزع كل أجزاء جسدي ، والتصفيق لازال يرن في أذني ؛ ورائحة الدم تغمر أنفي ، كان التشاؤم قد تمّكن من كل تفكيري ؛ ربما لو لم تمت بهجوم تلك الكائنات ؛ ستموت حتمًا من شدة النزف .

بعد لحظات مؤلمة ومُرعبة ؛ استنشقتُ رائحة أخرى ؛ والتي كانت مألوفة أيضًا ؛ حقًا كانت رائحة البنزين ، كنت أنتظر أن ينفجر المكان في أي لحظة ، تسللت كل إيقاعات الألم والفزع إلي جسدي ؛ كنت في حالة انتظار للموت بأي طريقة ؛ إنه الموت الذي قد يخطفني من تلك الأحاسيس المرعبة .

كانت رائحة البنزين قوية ؛ وكأنني في انتظار الفيضانات ؛ التي ستفجرها رائحة البنزين التي أصبحت أقوى من رائحة الدم الذي كان يتسلل من الثقب الذي أصاب قدمي ؛ أي رعب هذا الذي كنت أعانيه ؟ كيف كان يدق قلبي في تلك اللحظات الشاقة ؟ أين هو الموت الذي كنت أنتظره ؟

انتشرت رائحة البنزين في كل أرجاء المكان من حولي ؛ وكان عندي أمل وحيد بأن يكون الانفجار قريبًا ؛ وألا أنتظر أكثر من ذلك ؛ كنت أنتظر وأنتظر حتى سئمتُ الانتظار الذي قتلني عشرات المرات دون موت .

كان الموت كأنه حلم أريده أن يتحقق في أي لحظة ؛ كانت اللحظات التي تسبق ذلك الموت هي الأصعب والأقسى من الموت ذاته ؛ لدغات في قدمي ؛ ودماء تنزف ؛ ورائحة البنزين الذي كان يغمرني ، ولا زال التصفيق يرن في أذني ؛ لم يصيبني الموت الذي كنت أنتظره ، ولكن لازال الألم يهاجمني والدموع تصاحبني حتى الآن .

By Lars