من أكثر جرائم الرعب التي جسدتها الأفلام هي تلك التي تحدث في المصعد ، ولعل السبب يمكن في إحكامه وعدم قدرة الفرد على الهرب منه عند وقوع الكوارث ، فهو مكعب معدني ضيق المساحة ، معلق بين السماء والأرض ، يتحرك صعودًا وهبوطًا بواسطة أسلاك المصعد التي تحمله بين الطوابق .
وإذا كانت تعاني من فوبيا الأماكن المغلقة ، رجاء لا تركب المصعد ، فمن يدرى متى ستصل إلى وجهتك بعد دقيقه ، اثنين ، خمسه ، يوم ، يومان ، ربما ثلاثة أو قد لا تصل أبدًا ، فجرائم المصعد كثيرة ومتعددة ، بعضها قدري يحدث نتيجة انقطاع التيار الكهربي أو سقوط المصعد ، وبعدها قدري ولكن تقع الكارثة عن طريق الخطأ غير المقصود من بعض البشر ، وبعدها عمدي يحدث لهدف ما وبتدبير من شخص معين.
لذا يجب الاهتمام بالمصاعد ووضع خطوط التليفون وكاميرات المراقبة بها حتى يسهل طلب النجدة عند الحاجة ، فالبقاء لفترات طويلة داخل مصعد مغلق قد يؤدي بالشخص المحتجز إلى الوفاة ، وهذا ما حدث بالصين عام 2016م حينما فصل عمال الصيانة التيار الكهربائي عن أحد المصاعد بإحدى العمارات السكنية في مدينة شيان ، دون أن يتأكدوا من خلوه من الركاب.
وحينما عادوا بعد شهر كامل لإصلاحه ، وجدوا بداخله جثة متفسخة لسيدة من سكان العمارة ، فقد ظلت المسكينة حبيسة بداخله حينما فصلوا الكهرباء ، ولم يشعر أحد بوجودها لأنها كانت تعيش وحدها ، والأغلب أنها ماتت بسبب الجوع والعطش ، وقد تم توجيه تهمة القتل غير العمد لعمال صيانة المصعد.
وتعد قصة الأمريكي نيكولاس وايت من القصص الأشهر في الاحتجاز داخل المصعد ، وذلك لأن كاميرا المراقبة سجلت معاناته كاملة على مدار يومين متتاليين ، كان نيكولاس عاملًا بإحدى ناطحات سحاب مدينة نيويورك ، وفي مساء ليلة 15 أكتوبر 1999م في تمام الحادية عشر خرج من دوامه ليستقل المصعد في طريقه إلى المغادرة.
لكن بسبب عطل كهربائي توقف المصعد بين الطابقين 13 ، و14 ، وقد طلب النجدة مرارًا وتكرارًا لكن دون جدوى ، والغريب في الأمر أن المصعد كان مزودًا بكاميرا للمراقبة ، ولكن لسوء الحظ لم ينتبه أي من الحراس المسئولين عن المبني لوجوده إلا بعد انقضاء 41 ساعة ، أي قرابة اليومين ، وقد تم إنقاذه بعدها ، ورفع فيديو بالمعاناة على الانترنت تعاطف معه الكثيرون من أنحاء العالم.
وبنفس الطريقة لقي الزوجان الأمريكيان شيروود وكارولين حتفهما في مصعد المنزل ، فقد عاشا سويًا حياة هادئة مدتها ستين عاما ، في منزلهم المكون من ثلاث طوابق بولاية جورجيا ، والتي كانت تنص قوانينها على ضرورة وجود هاتف داخل كل مصعد ، وكان الزوجان العجوزان يمتلكان مصعد بمنزلهما ، ليسهل من انتقالهما بين الطوابق ، وكان التليفون بالفعل داخل المصعد.
ولكنهم لم يهتموا بتوصيل الأسلاك ؛ لذا لم يستطيع الزوجان طلب النجدة حينما تعطل بهما المصعد بين الطابقين الأول والثاني ، ولم ينتبه لغيابهما أحد سوى صبي الجرائد الذي لاحظ عدم خروج أيا منهما لاستلام الصحيفة اليومية منذ أيام ، فأبلغ الشرطة ، والتي تحركت بدورها لتفتيش المنزل ، وعثرت على جثتي الزوجان يجلسان وجها إلى وجه بالمصعد المعطل ، وقد جاء تقرير الطبيب الشرعي ليبين أنهما ماتا من شدة الحر قبل أربعة أيام من العثور عليهم .
ولأن كل الحوادث ليست قدرية ، فقد تشتمل حوادث المصعد على بعض الجرائم المتعمدة كما حدث مع الفتاة الكورية هيروكو ، وهي فتاة جامعية في التاسعة عشر من عمرها ، ذات مرة دفعها حظها العاثر للبقاء بمكتبة الجامعة لإتمام بحثها ، وحين وصلت إلى العمارة التي تسكن بها كان الوقت قد تأخر ، والطريق خالي تمامًا .
فهرولت سريعًا حتى وصلت للمصعد خوفًا من أن يخرج عليها أحد خاصة مع انتشار بعض الإشاعات عن وجود سفاح مختل يقتل الفتيات ، وحينما همت بغلق المصعد دخل شاب وسيم ووقف بجوارها ، وأخبرها أنه يقطنها تحتها بالطابق الثالث عشر ، فشعرت بالراحة لوجوده معها ، خاصة أنه شاب وسيم ويبدو عليه الهدوء والسمت ، وفي الطابق الثالث عشر خرج الشاب مودعًا الفتاة بلطف .
ولكن فجأة أدار ظهره ونظر إليها ممسكًا بسكين وترتسم على وجهه ابتسامه مجنونة ، وقال لها : أراك في الطابق الرابع عشر ، وجرى مسرعًا على السلم للحاق بها ، حاولت الفتاة مرارًا وتكرارًا أن تهبط بالمصعد ولكن دون جدوى ، ولم يكن أمامها سوى ثوان معدودة لمقابلة السفاح المجنون.
وفي الصباح ثم العثور على جثة الفتاة الكورية وهي مقيدة في المصعد ، وبجسدها العديد من الطعنات التي نزفت الكثير من الدم على أثرها ، ولفظت الفتاة أنفاسها الأخيرة وهي تخبر الشرطة عن ذلك المجنون ، ولكنهم لم يستطيعوا الوصول إليه ، ومازال حتى الآن حرًا طليقًا يبحث عن فتاة أخرى في مصعد أخر.