يعمل السيد عبود خبازاً في أحد الأفران ، منذ حوالى أكثر من عشرين عاماً ، ويعتز السيد عبود بحرفته التي كبر فيها ، ورغم ما قاسه السيد عبود في الحياة ، حيث أنه لم يعرف للطفولة معنى ، إلا أنه يستمتع بحرفته كل يوم .
أبناء السيد عبود :
كان لدي السيد عبود خمسة أولاد ، الأصغر يدعى يونس يبلغ من العمر 6 سنوات ، وكان ولده الأكبر عبد الجليل يعمل في ورشة نجارة ، وكانت ابنته الكبرى زينب تحلم بالالتحاق بالجامعة بعد أن تجتاز اختبار الثانوية .
أما ملك شقيقتها الصغرى ، فكانت تعمل في الخياطة والتفصيل ، وتساعد والدتها في هذا العمل من أجل كسب المال ، وكان لديه ولد اسمه سمير والذي قد انقطع عن الدراسة ، ورفض تعلم أي حرفة تكون مورداً للرزق له .
السيد عبود زوجاً وفياً لزوجته:
كان السيد عبود وفياً لزوجته بتول ، ويكن لها كل الحب والاحترام لتحملها مشقة العيش معه ، بل وتسعى بكل جهدها لمساعدته في كسب المال ، ويظن السيد عبود رغم قسوة الحياة ، إلا أنه من أسعد خلق الله على وجه الأرض ، ولعل سعادته تلك هى التي جعلته صمد سنوات طويلة ، أمام فوهة الفرن الحارقة .
كانت طبيعة عمل السيد عبود ، تجبره أن يبقى لساعات متأخرة من الليل ، في الفرن بل وأحيانا قضاء الليل كله حتى الصباح أمام الفرن ، ولم تكن زوجته بتول تقلق بشأن غيابه ، عن المنزل أو تأخره في العودة .
في يوم من الأيام خرج السيد عبود من المنزل ، وقد كان عليه أن يعد الخبز للمقاهي والمطاعم ، فأخبر زوجته أنه سيقضي الليل في الفرن ، وسيعود للمنزل صباح اليوم التالي .
ذهب السيد عبود ليقضي ليلته في الفرن ، وكانت الحركة في الشارع كادت تكون منعدمة ، وكان يعتاد على السهر ليلاً مع صديقة عبد المغيث ، الذي يملك مقهى تقع أمام فرن السيد عبود .
وكان عبد المغيث الصديق المقرب للسيد عبود ، ولكن تغيب في هذا اليوم السيد عبود عن المقهى ، ولم يقابله السيد عبود فقضى ساعات الليل ، بمفرده في الفرن دون صديق أو رفيق .
سيجارة منتصف الليل :
قرر السيد عبود قضاء الليل أمام الفرن بمفرده ، يستمع إلى الراديو فوضع السيد عبود الخبز داخل الفرن ، ووقف يدخن سيجارة من التبغ الأسود أمام باب الفرن ، دخل السيد عبود إلى الفرن بعد الانتهاء من تدخين سيجارته ، وقد ظن أنه رأى شخصاً يتسلق درجات مقهى السيد عبد المغيث ، فأسرع إلى المقهى ونادى بصوت خافت : عبد المغيث ، عبد المغيث .
ثم تذكر أن السيد عبد المغيث لم يحضر اليوم على القهوة ، فعاد إلى الفرن وجلس ينهي إعداد الخبز ، وبينما هو منهمك في تقليب الخبز ، سمع صوتاً : أريد خبزاً ، أريد خبزاً ، مضى عبود إلى باب الفرن ، وفتح الباب ولم يكن أحدًا واقفاً ، فقال السيد عبود في نفسه لعله مضى ، فدخل السيد عبود مرة أخرى إلى الفرن ، وجلس يستمع إلى أغاني السيدة أم كلثوم عبر الراديو وأخرج سيجارة أخرى ، وجلس يستمتع بليلته بمفرده .
السيد عبود يفقد الوعي :
عاد السيد عبود يستمع إلى الصوت ، مرة أخرى : أريد خبزاً ، أريد خبزاً ، ولكن جاء هذا الصوت تلك المرة من الداخل ، تسلل السيد عبود داخل الفرن، وهو يشعر بالخوف الشديد .
ظن السيد عبود أن الصوت هو صوت جني جائع ، فأمسك بقطعة من الخبز وألقاها على الأرض ، وفى لحظة ما ظهر له رجال أقزام مخيفة يرقصون ويقفزون ، فشعر بقشعريرة تكتسحه وخوف لم يستطع السيطرة عليه ، خرج السيد عبود مسرعاً من الفرن وفقد الوعي .
أسرع أحد المارة بحمل السيد عبود إلى المشفى ، وقام الطبيب بفحص السيد عبود وأخذ عينة من الدم ، وأجرى الاسعافات اللازمة للسيد عبود ، حتى عاد إلى وعيه فسأله الطبيب إذا ما كان يتعاطى أى نوع من المخدرات ، لكن نفي السيد عبود وأخبره أنه فقد يدخن السجائر .
حقيقة هلاوس السيد عبود :
أخذ الطبيب سيجارة لفحصها ، وتبين إنها تحتوى على مادة مهلوسه ، قد بيعت له بالخطأ من تاجر في البلدة ، حتى يلزم زبائنه بالعودة له وشراء المزيد منه ، أدرك السيد عبود أنه عانى من الهلاوس ، التي تسببت له في تخيل الأقزام الراقصة ، وتخيل الشخص الذي يصعد إلى مقهى السيد عبد المغيث ، وتم القبض على صاحب المتجر ، الذي باع علب السجائر ذات المادة المهلوسة .