لقصص الغرائب والعجائب حكايات قد نعجز عن تفسيرها ، فمنذ بدء الخليقة نجد الإنسان قد قام بشق الطرق ، وتشييد المدن ، ومع التطور والتقدم ، سعى الإنسان حثيثًا لمواكبة كل ما تقع عليه عيناه ، أو تصل إليه يداه من أجل تطويعه لخدمته ، ولكن كافة السبل المتاحة قد يتم استخدامها في أمور قد تبدو غريبة جدًا لمن لا يعرف أصول وجذور ، ودوافع القيام بها ، وإحدى تلك الأمور التي نعجز عن تفسير قيام بعض البشر بها ، هو ما تحكيه مدينة دارجافز أو ما يُعرف بمدينة الأموات.
تقع مدينة دارجافز أو مدينة الموتى في جمهورية أوستيا بروسيا ، وتعد تلك المدينة إحدى أكبر المدن في روسيا ، وهي مدينة هادئة وجميلة يقع فيها مئات الأكواخ الحجرية والتي تم تشييدها بالكامل على منحدر أحد التلال ، وذلك على بُعد ثلاث ساعات من أقرب مكان به قرية يعيش بها بشر أحياء ! نعم فهي مدينة تمتلئ أكواخها بالقبور أو يمكننا القول بأن تلك الأكواخ هي عبارة عن مقابر ، هذا بخلاف وقوعها إلى الأمام من العديد من قمم الجبال والطرق الوعرة.
ويعود تاريخ بناء هذه المدينة ، إلى القرن الثاني عشر ، حيث تحتوي على أكثر من مائة كوخ ، تم بناءهم جميعًا من الأحجار ، وتزيينهم بالنقوش وأحواض الزهور التي تم زراعتها بين الأكواخ ، ويفصل بينها العديد من الأدراج ، حيث خُصص كل كوخ للموتى من أفراد العائلة الواحدة ، وكل كوخ يحتوي على أدوار لكل جيل من العائلة دور خاص ، بالإضافة إلى السراديب الموجودة أسفل الكوخ نفسه ، والتي تمثّل حجرات دفن متعددة ، ولا يعرف أحد من عاش بتلك المدينة ، أو لماذا يبني الناس مدينة كاملة للموتى فقط!
والجدير بالذكر ، أنه عندما تم اكتشاف هذه المدينة لأول مرة ، كانت بحالة جيدة جدًا ، حيث تم الاعتناء بالمكان وتنظيفه ورعاية الزهور التي تنمو بشكلٍ جيد ، بالإضافة إلى الدرج النظيف والأكواخ المغلقة ، رغم مرور السنوات بل والقرون كاملة عليها ، دون أي اتصال للمدينة مع الأحياء ، حيث ظن من اكتشفوها بأنها مجرد مدينة عادية مهجورة فقط .
ولكن عقب أن قاموا بالفحص الشامل للأكواخ صُدموا بوجود هياكل عظمية كاملة بداخلها ، لنساء وأطفال ورجال ، حيث تم دفنهم جميعًا في أدوار فوق بعضها منفصلة تمامًا ، حيث وضعت كل عائلة داخل كوخ خاص بها ومعهم كافة ، أموالهم وثيابهم والمستلزمات الخاصة بهم كاملة.
ولم تقف صدمة المكتشفون عند هذا الحد فقط ، بل تعدا ذلك إلى اكتشاف دفن الموتى في قوارب خشبية دخول الأكواخ ، رغم عدم وجود المدينة اكلمة بالقرب من أي مجرى مائي من الأساس ، لماذا ؟ رجح البعض أنه وفقًا للأساطير القديمة كان يظن من سبقونا أن من يموت فإنه ينتقل إلى عالم آخر ، لذلك صنعوا القوارب حتى يعبر بها الموتى للنهر المؤدي للعالم الآخر ، ويمكن أيضًا أن يفسر وجود منارة في وسط الأكواخ بمنتصف المدينة ، والتي قد تكون بنيت خصيصًا من أجل إرشاد الموتى لطريقهم نحو العالم الآخر.
وهناك بعض الحقائق التي تم الكشف عنها بشأن المدينة ، ففي عام 2010م وجد المستكشفون أن تلك المدينة قد عاش بها 160 شخصًا فقط ، مما أثار العديد من التساؤلات فكيف لمجتمع مغلق من 160 شخصًا أن يعيش ويموت دون أن يعلم بشأنه أي شخص ، وكيف كانت معتقداتهم وأساطيرهم ، وما تفسير تلك الأجراس التي تُقرع بالمنارة الموجودة في وسط المدينة وحدها لثلاث مرات في أيام معينة ، بحيث يسمعها السكان في أقرب مدينة لهم على بُعد ثلاث ساعات كاملة ! وهل هذا يفسر سر مشاهدة البعض لمشاعل مضيئة بنفس تلك الأيام التي تُقرع بها الأجراس ، تسير وسط القبور ، ثم تختفي فجأة !
كلها تساؤلات ليس لها إجابة حتى الآن ، وقد تم تسجيل دراجافز كأكثر المدن رعبًا على مستوى العالم حتى الآن ، والمدينة تٌفتح للسياحة في أوقات قليلة جدًا من كل عام ، لماذا ؟ لا يعرف أحد ، ولكن كل ما قيل بشأن المدينة : لا تذهب إلى مدينة الأموات ، فلا تعود حياتك كما كانت بعد دخولها .