هل تعرف من هم العُمّار ؟ هل تعرف أن إن تركت منزلك ، أو مكانك المفضل مهجورًا لفترة من الوقت ، دون حراك أو زيارة أو نظافة وهكذا ، يأتي من يسكنون فيه غيرك أنت وعائلتك ؟ قد لا يصدق البعض في هذا ، ولكن هناك عوالم أخرى تعيش معنا ومخلوقات خلقها المولى عز وجل ، منها الجن ، وهم عشائر بينهم الطيب والخبيث ، مثل البشر ، ولكن إن أزعج أحدنا سكناهم ، فلا يلومنّ إلا نفسه .
البداية ..
تحكي الراوية لقصتنا ، أنها تعيش مع زوجها في المدينة ، بعد أن انتقلوا إليها نظرًا لظروف عمله ، معهما طفلان صغيران ، وهي سيدة شابة لا تعمل ، الاثنان من إحدى القرى ، ولهما منزل محاط بسور صغير ، وتحيط به أرض زراعية وطريق صغير به عدة منازل صغيرة .
انتقلت الأسرة عقب زواجهما إلى المدينة ، وتركوا المنزل طوال العشرة سنوات دون زيارات ، أو حتى إلقاء نظرة عليه ، فالزوج لا يعود إلى المنزل سوى في منتصف الليل ، وهي لا تستطيع السفر إلى الريف وحدها .
تُرك المنزل مغلقًا لعشرة سنوات متواصلة ، وفي أحد الأيام عاد الزوج من العمل ، وأبلغ عائلته الصغيرة أنهم بصدد العودة إلى القرية مرة أخرى ، اندهشت الزوجة لهذا القرار ، ولكن برر الزوج بأنه قد تم نقله إلى فرع الشركة التي يعمل بها ، بالقرب من قريتهما ، بالطبع استسلمت الأسرة الصغيرة لهذا القرار ، وحزموا أمتعتهم وانتقلوا للمنزل القديم .
أحداث مريبة ..
مرّت عدة أيام هادئة ، استجمعت فيها الزوجة قواها وجلست تنظف منزلها القديم ، لكم صار قديمًا ومليئًا بالأتربة ، وأثناء قيام الزوجة بترتيب منزلها ، أتت جارتها لإلقاء السلام عليها ، هشت الزوجة وبشت ورحبت بضيفتها ، التي قالت لها في عتاب أنها قد حدثتها في إحدى المرات ، التي أتت فيها للمنزل ولكنها لم تجبها !
كيف ذلك ؟ ولا أحد يأتي إلى هنا ، سألت الراوية إن كانت جارتها قد تخيلت الأمر ، إلا أنها قد أكدت لها بأنها قد لحقتها إلى المنزل ، وطرقت الباب مرارًا ، ولكنها لم تتلق سوى صوتها تنهرها ، وتطلب منها أن تبتعد! ويوميًا ، تسمع أصوات الأطفال من الداخل ، وأصواتهم جميعًا وكأنهم يعيشون في المنزل .
اندهشت الزوجة للحوار ، وفي المساء وأثناء جلوسها بغرفتها ، لمحت الزوجة ظلاً أسود اللون يعبر من فتحة الباب ، ارتعبت الزوجة ونهضت لترى إن كان أحد الأطفال ، إلا أنها لمحت ظلاً لرجل طويل القامة ، وأسود الشعر ، ينظر إليها سريعًا ، ثم دلف إلى المطبخ ، لحقته الزوجة ، ولكن لم يكن هناك أحد!
في صباح اليوم التالي ، أخبر الطفلان أمهما أن هناك طفلاً صغيرًا يختبئ ، تحت الأسّرة ليلاً ، ويطلب منهما أن يلعبوا سويًا ، ولا يظهر لهما سوى ليلاً ، لم يلبث الأمر أن تفاقم بشكل أكبر ، ففي أحد الأيام ، أبلغ الزوج زوجته بأنه سوف يضطر للمبيت بعمله ، وأن عليها رعاية الأطفال حالما يعود ، ودعته الزوجة .
وفي المساء ، سمعت صوت قفل الباب يُفتح ، خطوات زوجها تقترب من غرفة النوم ، وإذا به يدخل ويبدأ في تبديل ثيابه ، طلبت منه الزوجة أن تعد له العشاء ، إلا أنه رفض متعللاً بالإرهاق الشديد في العمل ، لم تلبث دقائق وانقطع التيار الكهربي ، اضطرت الزوجة لفتح كشاف هاتفها المحمول ، وياليتها لم تفتحه !
نظرت الزوجة بالكشاف في أرجاء غرفتها ، فوجدت نفس الرجل الذي رأته من قبل ، وهو يحملق لها بعينين حمراوين في الظلام ، صرخت الزوجة ، ونهضت توقظ زوجها ، إلا أنه لم يتحرك قيد أنملة ، خرجت الزوجة إلى خارج غرفتها ، وعادت الأضواء ، لتجد باب المنزل يُفتح وزوجها يدخل يلقي التحية!
ذهبت السيدة الشابة إلى أحد الشيوخ ، وروت له ما حدث فنصحها بإخلاء المنزل فورًا ، قائلاً لها أن من سكنوا المنزل ، هم عُمّاره ؛ ويُدعون بهذا الاسم لأنهم هم من عمروه ، بعد هجر أصحابه له ، ولا يجوز لهم العودة إليه سوى بعد أخذ إذن العُمّار ، وتطهيره ، وألا يجب على أي إنسان ترك مكانًا خاصًا به ، مهجورًا بلا وصل أو اتصال لأكثر من أربعين يومًا ، لأن العُمّار يأبون أن يتركوه.