من هي هذه الأميرة
هي الأميرة ماري تيريز شارلوت التي ولدت في 19 ديسمبر 1778، وهي الابنة الكبرى للويس السادس عشر وماري أنطوانيت، وهي قد تلقت تعليمًا شاملاً، وقد غرست ماري أنطوانيت في ماري تيريز احترام فضائل الغير، والامتنان للخدمات المقدمة، وحب الإنسانية، والتعاطف، والاعتدال في الترف، والإحسان، واللطف ، والتسامح على الرغم من أن ماري انطوانيت كانت على النقيد تماماً”، وبفضل إكتسابها لهذه الصفات أصبحت في وضع جيد عندما ساءت أحوال عائلتها.
ماري تيريز شارلوت أميرة حكمت عشرون دقيقة فقط
وأتت مقولة أميرة حكمت عشرون دقيقة فقط حيث كانت ماري تيريز ابنة لويس وماري الوحيدة التي على قيد الحياة مما منحها الفرصة الشرعية للحكم ولكن لمدة 20 دقيقة فقط ثم وضعت ماري تيريز في السجن، وتوفر عنها القليل من المعلومات حول مصير عائلتها، وكان هذا قبل عيد ميلادها السابع عشر في ديسمبر 1795.
بدأت القصة حين اقتحم سجن الباستيل في يوليو 1789، وإندلعت الثورة الفرنسية، وعلى الرغم من محاولة لويس السادس عشر للاحتفاظ بسلطته، لكنه ظل في طريق القرارات الغير حكيمة والتي بالأحرى كانت كارثية من الجانب السياسي، وكان ضمنهم قرار محاولة الفرار من البلاد مع عائلته في شهر يونيو 1791، حتى تم القبض عليهم في الحدود الفرنسية، وقد تم مرافقة العائلة المالكة إلى باريس في وجود حراسة مشددة، وبعد مرور عام، قد سجنت ماري تيريز شارلوت التي كانت تبلغ من العمر 14 عامًا مع كل من والدتها وشقيقها وعمتها داخل زنزانة باريس المشهورة باسم المعبد، وقد ظلت بها لمدة ثلاث سنوات وكانت هذه الزنزانة غير مريحة وكانت وسائل الراحة غير متوفرة فكانت تعيش ماري تيريز حياة متعبة، وفي خلال فترة سجنها، قامت ماري تيريز في تلك الفترة بكتابة يوميتها وكانت تعرض بالتفصيل تجاربها، وعبرت عن التغييرات التي تعرضت لها من حيث الآمال والمخاوف، وفي نهاية المطاف تتحدث عن قوة امرأة شابة تعيش في ظروف غير عادية وغير مريحة.
مع تقدم الثورة الفرنسية، أضحى مصير الملك محفوفًا بالمخاطر بشكل كبير، فحين ألغى المؤتمر الوطني العائلة الملكية وحكمها في سبتمبر 1792، ففي حينها قد حُدد مصير لويس 16، وقد مضى في محاكمة قصيرة في شهر ديسمبر، أدين الملك بتهمة الخيانة وتم الحكم عليه بقطع الرأس بالمقصلة في 21 يناير 1793، تأثرت جداً الأميرة الشابة لموت والدها، وقد ظلت طوال حياتها ولم تتراجع أبدًا في إقامة صلاة على روح والدها كل يوم 21 يناير لإحياء ذكرى وفاة والدها، ومع أن هذه الحادثة كانت تعتبر ضربة قوية لماري تيريز، إلا أن وفاته لم تؤدي إلى نهاية مصائب العائلة المالكة، فبعد وقت قصير من إعدام الملك لويس السادس عشر، تم إبعاد ماري أنطوانيت عن ابنتها ثم سُجنت في غرفة منفصلة حيث يتم فيها استجوابها، على الرغم من أن ماري تيريز سعت كثيراً للحصول على أخبار عن وضع والدتها للأطمئنان عليها، إلا أن الحكومة رفضت التصريح بأي معلومات لها عن والدتها، ومنذ ذلك الوقت، أصبحت ماري تيريز تعتمد على عمتها مدام إليزابيث دو فرنس التي ولدت في 1764 وتوفت في1794 والتي كانت تدعمها كأمها، عندما تم إعدام ماري أنطوانيت في أكتوبر 1793، لم تُخبر ماري تيريز بهذا الأمر، كلما طلبت الاطمئنان عن والدتها، كان يتم تجنب سؤالها، ثم علمت بوفاة والدتها بعد عام ونصف من الإعدام.
كانت الحياة في السجن قاسية ومتعبة على الأميرة الشابة، فقد كانت تخضع لعمليات تفتيش متكررة لغرفتها يومياً، وأحيانًا قد تصل لثلاث مرات في اليوم، وكان هذا من قبل المسؤولين الذين كانوا في كثير من الأحيان يأتون سكارى وفي غير وعيهم، تكييفت ماري تيريز مع وضعها عن طريق الاعتماد القوي على الدين، وكانت غالبية مواد قراءتها من الكتب عن الصلاة، وفي مايو 1794، تم تنفيد الحكم في عمتها إليزابيث وتم إعدامها بالمقصلة، وقد أصبحت ماري تيريز الآن وحيدة بالكامل، فحين تلقت ماري تيريز زيارة من دوقة تورزيل في عام 1795، أوضحت كيف نجت من هذه العزلة فقالت “بدون الدين كان الأمر مستحيلًا، كان الدين ملاذي الوحيد، وقد أعطى لي العزاء الوحيد الذي قد شفى قلبي الجريح والذي كان قبلاً سريع التأثر”، ولكن في الواقع كان وضعها صعبًا جداً، ولكن كان وضع شقيقها أسوأ، كانت المساكن التي كان يعيش فيها غير نظيفة، وتُرك وحيداً، وكان يتلقى زيارات قليلة جداً من حراسه أو من أي شخص آخر لعديد من الأيام، وحين وفاة والده، أصبح هو لويس السابع عشر على الرغم من أن هذا المنصب لم يكن له أي تأثير على حبسه ثم توفى في 9 يونيو 1795، وقد توقفت ماري تيريز عن الكتابة في يومياتها عندما علمت بوفاة شقيقها أصبحت الآن ماري تيريز يتيمة فهي بدون أم أو أب أو أخ أو عمة.
وبسبب أنها كانت آخر واحدة من العائلة المالكة الذين بقوا في السجن، فقد أحس بعض الأشخاص داخل الحكومة أنه يستلزم إطلاق سراح ماري تيريز شارلوت، وفي خلال مناقشة عن هذا الأمر، بأت ظروف سجنها تتحسن، فقد سُمح لها أن يكون معها مرافقة أنثى وزوار وجلبت لها فساتين جديدة وورق وحبر وكتب لتمارس هواياتها، كما سُمح لها بالتنزه داخل حدائق المعبد، كان من الواضح أن الرأي العام أصبح أكثر تعاطفاً معها بسبب ظروفها، وحين وصلت لسن السابعة عشرة من عمرها، كانت ماري تيريز نحيلة الجسم جداً، ولها شعر كستنائي وملامح جميلة ورقيقة، وقبل إطلاق سراحها بفترة وجيزة، قد رأها إحدى زوار المعبد وقال أنها تغيرت فعندما تركت في المعبد في العاشر من أغسطس تقريبًا، كانت شخصية ضعيفة وحساسة المظهر، ولكن الآن، بعد مرور ثلاث سنوات من المحنة والتجارب القاسية والمعاناة العقلية، أصبحت في الأسر لها شكل جميل وطويل وقوي، وتحمل على وجهها بصمة نبل العقل الذي يميزها عن باقي أسرتها.
في نوفمبر 1795 ، تغيرت الحكومة الفرنسية مرة أخرى وبدأت تنفيذ خطوات فعلية للإفراج عن الأميرة الشابة، وقد تقرر إطلاق سراحها مقابل عدة سجناء فرنسيين كانوا مسجونين في النمسا، وكان هذا في الليلة التي سبقت عيد ميلادها الثامن عشر، وقد تم إطلاق سراحها بعد نهاية عهد مظلم، ففي البداية أرسلت ماري تيريز لموطن والدتها في النمسا.
وفي عام 1799، وفقاً لإصرار عمها الذي قد نصب ذاته لويس الثامن عشر بعد وفاة لويس تشارلز أن تتزوج من وريثه وهو ابن عمها الأول لويس، الذي كان دوك دي أنغوليم، ولكن كان زواجًا غير سعيد، فقد قضى الزوجان بعض السنوات في المنفى في بريطانيا العظمى، قبل أن يعودا إلى فرنسا، حين أعتلى لويس الثامن عشر العرش بعد تنازل نابليون بونابرت عنه.
أصبحت ماري تيريز امرأة مشبوهة وقد أُجبرت على الفرار من فرنسا في الكثير من المناسبات، حيث أصبح سيطرة نظام بوربون الملكي المستعاد ضعيفة بشكل كبير، وفي عام 1824، بعد وفاة لويس الثامن عشر، أصبح زوجها هو الوريث للعرش، وبعد مرور ست سنوات، خلال ثورة 1830 ظل زوجها لفترة صغيرة الملك لويس التاسع عشر على العرش حتى تنازل عن العرش بعد أقل من نصف ساعة لابن أخيه، وقد أمضت باقي حياتها في المنفى، حتى توفيت عن عمر يناهز 72 عامًا في أكتوبر 1851، وقد دُفنت بجوار زوجها فيما يعرف الآن بسلوفينيا.