ما هو قصر كيو وما يرمز له
يعتبر قصر كيو مكاناً عاكساً للحياة الشخصية والمنزلية التي كانت لملوك والملكات الانجليز في حقبة كبيرة خلال القرن الثامن عشر، وقد كان الجزء الداخلي من هذا القصر الصغير الذي يمتاز بالبساطة شاهداً على القصة المؤثرة للملك جورج الثالث ومرضه العقلي وقصص أفراد عائلته الذين عاشوا وماتوا بالقصر، فيعد قصر كيو من أصغر القصور الملكية، قد بني في الأصل بفكرة القصر العصري الذي يستضيف فيه مسافري طريق الحرير من التجار الأثرياء في لندن.
وقد شعر الملك جورج الثاني هو وزوجته الملكة كارولين بإنجذاب كبير لأول مرة إلى قصر كيو الصغير، وكانوا يعتقدان أنه يعتبر أمثل مكان لإقامة بناتهم الثلاث الكبرى، وفيما بعد، أقيم به عدة أجيال من الملوك الجورجيين، وقد عاشوا داخل قصر كيو وكذلك في نزل ريتشموند القريب منه لقضاء العطلات في نهاية الأسبوع، حتى يبتعدوا قليلاً عن الحياة العامة المزدحمة التي في المدينة.
قصر كيو يعتبر من أقدم المبانى التي بداخل الحدائق المحيطة به، فهو كما ذكرنا كان المنزل الصيفي للملك جورج الثاني والثالث في القرن الثامن عشر، فقد يعكس شكل القصر المذهل أصول القصر العريقة، فقد شيد عام 1631 حتى يقضي فيه التاجر الفلمنكي الثري صموئيل فورتري استراحته خلال سفره بطريق الحرير، وكان يُعرف هذا القصر في البداية باسم البيت الهولندي، ولكن بعد قرن من الزمان، قد تلقى جورج الثالث تعليمه في قصر كيو اثناء فترة مؤثرة وعميقة في عهده، حيث منه أنطلقت الأفكار الجديدة في العلوم والفن والتصنيع لتصل لطريق الازدهار.
كان الملك جورج الثالث ملكًا يفضل الحياة البسيطة على حياة المقيدة، لذا قد أمضى العديد من فصول الصيف السعيدة داخل قصر كيو بصحبة زوجته الملكة شارلوت وأطفالهما الخمسة عشر، كما كان منزل Queen Charlotte’s Cottage على الجانب المقابل للحدائق من قصر كيو، وكان يطل على واحدة من أرقى الغابات وهي بلوبيل في لندن، والتي يزيد عمر جزء منها عن 300 عام، كما كان الحقل المجاور للمنزل الريفي موطنًا للكثير من الكائنات النادرة فقد كان يستمل على كل من زوج من البجع الأسود والجاموس والكوغا المنقرضة الآن وهو حيوان يشبه الحمار الوحشي، كذلك كان يوجد بها أول حيوان كنغر يصل إلى إنجلترا، وقد تم شراء كلا المسكنين وأصبحا يتبعا قصر كيو في عام 1898 وتم فتحه للجمهور لأول مرة، المباني الآن خاضعة إلى أمانة القصور الملكية التاريخية.
قصة قصر كيو
خلال فترة العشرينيات من القرن الثامن عشر، قد ذهبت العائلة المالكة، كل من الملك جورج الثاني والملكة كارولين ومعهما أطفالهما وعاشوا بالقصر وأخذوا يستأجروا بعض من المنازل المحيطة التي في الجوار القريب من قصر كيو، فقد أعتبروا هذا القصر هو مكانًا يمكن أن يعيشوا فيه حياتهم الخاصة والمنازلية ويحظوا بحياة طبيعية غير قائمة على زخارف الحفلات والرسميات، فقد زرعت الحدائق وأصبحت رائعة للمتعة والاسترخاء، كما في وقت لاحق أضحى هذا القصر هو ملجأ للملك جورج الثالث حين أصابه مرض واعتقد أنه أصيب بالجنون.
كان يعتبر قصر كيو في يوم من الأيام أنه مصدر للاسترخاء الصيفي والحياة الأسرية للملك، إلا أنه تحول لمكان ييقى به الملك بعد مرضه العقلي، فقد تم سجن الملك بالقصر أثناء تعرضه لنوبة عقلية حادة وكانت الأولى له في عام 1788، وقد وضع بهذا القصر ليكون بعيدًا عن نظر العامة، ليعيش بسلام وعزلة داخل قصر كيو، كما سعت مجموعة من الأطباء بشكل كبير لعلاجه ولكن فشلت كل المحاولات، لكن حاولوا في الاخير علاج الملك من خلال منحه مقيئات وملينات قوية ووضعه في حمامات متجمدة، كما تم ألباسه سترة ضيقة إذا رفض التعاون معهم، وقد تعافى مع بداية عام 1789، لكنه عانى من بعض الانتكاسات في عامي 1801 و 1804، قبل أن يصل إلى التدهور الحاد في عام 1810، ومن ثم تم إعلان الوصاية في عام 1811، وفي فترة عام 1809 أصبحت زيارة العائلة المالكة لقصر كيو شحيحة جداً، ولكن بدايةً من أوائل عام 1818، حتى يومنا هذا، يعتبر قصر كيو له علاقة حميمة وصورة أكثر تواضع وإنسانية للنظام الملكي البريطاني.
قد أنجب الملك جورج الثالث والملكة شارلوت 15 طفلاً في فترة زواجهما الطويل، ومع بداية حلول عام 1817 كانا يفكرا انه لم يولد لهم سوى حفيد شرعي واحد وتوفى، وكانت هو الوريث الملكي الوحيد، وكانت القصة أن اثناء ولادة الأميرة شارلوت كانت الولادة متعثرة ومن بعد ذلك أكتشف انها ولدت ابنًا ميتًا، من ثم أصبح زواج الأبناء المتبقين لجورج وتشارلوت، وولادة وريث العرش هو أمر أكثر إلحاحًا من أي وقت سبق.
ومع اقتراب أزمة الحكم، كان على اثنين من الأبناء الملكيين، وهما كانا في منتصف العمر أن يقوما بالعثور على زوجات ملكيات مناسبتان، لقد نظروا إلى ألمانيا للحصول على الزواج المطلوب، فكانت هناك كل من الأميرة Adelaide of Saxe-Meiningen والأميرة
Victoire of Saxe-Coburg وقد كانا اختيارات مناسبة للغاية، وبدأ الأن الصراع والسباق بعد الزواج بين الأزواج لإنجاب وريث للعرش، وقد شهد قصر كيو مكان الإعداد لحفل الزفاف المزدوج وقد كان في 11 يوليو 1818، وتم زواج الدوقات من دوقاتهم في حضور الملكة شارلوت التي كانت المريضة، فقد تعرضت الملكة شارلوت لمرض اثناء رحلتها من لندن إلى وندسور، مما جعلها تمكث في قصر كيو وقد بقيت هناك لبضعة أيام، ولكن مع الاسف صحتها لم تتحسن نهائياً، وبعد صراع طويل مع المرض، قد وفاتها المنية في غرفة نومها في شهر نوفمبر من ذلك العام.
فاز الأمير إدوارد دوق كينت ودوقته فيكتوار في أمر إنجاب الأطفال، وقد إنجابا ابنة ولدت بعد تسعة أشهر بالتمام من الزفاف، وقد كانت هذة الطفل هي الوريثة الشرعية للعرش وسميت ألكسندرينا فيكتوريا، وقد كانت هذه الفتاة الصغيرة هي من ستكبر لتصبح الملكة فيكتوريا، وتعتبر الملكة فيكتوريا هي جدة الملكة إليزابيث الثانية، وقد أحتفلت الملكة إليزابيت بعيد ميلادها الثمانين في عام 2006 بحفل عشاء عائلي في قصر كيو.