رغم أن المواد الكيميائية المنشطة التي كانت تستخدم لعدة قرون في ثقافات عديدة حول العالم ضمن سياق ديني واجتماعي وطبي قد تسبب بالشعور بالهلوسة في بعض الأحيان، إلا أن هذه العقاقير تتستخدم في يومنا الحالي لعلاج بعض المشاكل الصحية التي تعيق وظائف الدماغ، مثل الشعور بالقلق، والاكتئاب، والإدمان، فضلاً عن مرض اضطراب الوسواس القهري.وقال الدكتور روبن كارهارت هاريس، في كلية إمبريال البريطانية إن “تناول عقاقير الهلوسة مثل مادة السيلوسيبين النشطة والتي تتواجد في الفطر السحري تجبر المرضى على مواجهة واقعهم بدلاً من الهروب منه.”
ويذكر، أن فريق البحث في كلية إمبريال أبدى اهتمامه للكشف عن الأسباب من وراء عدم تسبب مادة “سيلوسيبين” الكيمائية بالإدمان.
وأجرى هاريس فحصاً للدماغ ضم 30 متطوع تم حقنهم بمادة سيلوسيبين الكيميائية، إذ وجد أن أكثر المراكز بدائية في الدماغ والتي ترتبط بالتفكير العاطفي قد أصبحت أكثر نشاطاً، وأن مناطق أخرى في الدماغ أو ما يعرف بـ”شبكة الوضع الافتراضي” والتي ترتبط بالتفكير عالي المستوى، والوعي الذاتي والإدراك أصبحت أقل نشاطاً.
وأوضح المشرف على فريق الأبحاث في كلية إمبريال الدكتور ديفيد نوت، أن “الأمراض العقلية مثل الاكتئاب ترتبط بشبكة الوضع الافتراضي في الدماغ والتي تصبح متصلة بشكل مفرط.”
ويؤدي الإفراط في اتصال المراكز الدماغية لدى الأشخاص المصابين بمرض الاكتئاب إلى التركيز بشكل مفرط على الأفكار السلبية.
وأشار نوت إلى أن مادة السيلوسيبين تعالج أعراض الاكتئاب وتساعد المرضى في التحرر من الأفكار السلبية.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن هناك 350 مليون شخص حول العالم يعانون من مرض الاكتئاب. ويتم حالياً وصف أدوية علاجية تعتمد على مجموعة مثبطات السيروتونين الانتقائية (أس أس آرآي) مثل عقار “بروزاك” والذي يزيد من مستوى السيروتونين في الدماغ، لتحسين المزاج، في ظل عدم فعاليته الكبيرة. وأكد نوت أن تناول جرعة أو جرعتين من مادة سيلوسيبين لديها تأثير فوري وفعال في العلاج.
وشدد نوت على أن العلاج بمادة السيلوسيبين يجب أن يتم تحت إشراف مهني طبي.
ويذكر، أن هذه المادة غير قانونية في العديد من البلدان، إذ يتم تصنيفها بأنها من أنواع المخدرات في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تخدم أي غرض طبي بحسب وزارة العدل الأمريكية.
ومن جانبه، أوضح المعهد الوطني الأمريكي لتعاطي المخدرات أن تعاطي مادة السيلوسيبين يمكن أن يسبب ردود أفعال عنيفة، والشعور بالذعر ما يجعل المريض يؤذي نفسه أو الآخرين.
وقال نوت إن مادة السيلوسيبين تؤدي إلى حالة من الفوضى، وتشوش الأفكار السلبية التي تدور في دماغ المريض، وهذه الحالة الفوضوية لا تعالج فقط الاكتئاب بل جميع أشكال الإدمان.
وكشفت دراسة مصغرة في جامعة نيو مكسيكو عن نتائج واعدة حول دور مادة السيلوسيبين في علاج الإدمان على الكحول، إذ ذكرت أن الأشخاص الذي خضعوا للعلاج بمادة السيلوسيبين، أظهروا تحسناً ملحوظاً بشكل سريع وفعال.
وأكد الدكتور أوين بودين جونز، في الكلية الملكية البريطانية للأطباء النفسيين أن هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث، من أجل التأكد من آمان هذه العقاقير في علاج المرضى.